لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

من الأحق بفلسطين العرب، أم اليهود؟

الشيخ البشير الإبراهيمي :
ومن مسائل الصراع التي اختلقها الصهاينة: (من الأحق بأرض فلسطين: العرب، أم اليهود؟)، فكيف عالج الخطاب الإبراهيمي هذه الفرية؟ إنه - بالطبع - يستغرب هذا الادعاء فيقول: "ما بال هذه الطائفة تدعي ما ليس لها بحق، وتطوى عشرات القرون لتصل - بسفاهتها - وعد موسى بوعد (بلفور) وإن بينهما لمداً وجزراً من الأحداث، وجذبا، ودفعا من الفاتحين. ما بالها تدعي إرثا لم يدفع عنه أسلافها غارة بابل، ولا غزو الرومان، ولا
عادية الصليبيين، وإنما يستحق التراث من دافع عنه وحامى دونه". فما الأدلة على أحقية العرب والمسلمين بهذه الأرض، وسفاهة ادعاء بني صهيون؟ نسوق أدلته منتزعة من نصوص مقالاته، محافظين على نصاعة تعبيره وإشراق بيانه الذي ارتفع به لمنازل أمراء البيان العربي:

- يقول: "ما دافع بابلَ إلا انحسار الموجة البابلية بعد أن بلغت مداها، وما دافع الرومانَ إلا عمر والعرب وأبطال اليرموك وأجنادين، وما دافع الصليبَ وحامليه إلا صلاح الدين وفوارس حطين".

- "إن العرب على الخصوص، والمسلمين على العموم، حرروا فلسطين مرتين في التاريخ، ودافعوا عنها الغارات المجتاحة مرات، وانتظم ملكهم إياها ثلاثة عشر قرنا".

- "لو أن السيوف الإنجليزية أغمدت، والذهب الصهيوني رجع إلى مكانه، وعرضت القضية على مجلس عدل وعقل لا يستهويه بريق الذهب ولا يرهبه بريق السيوف، لقال القانون: إن ثلاثة عشر قرنا كافية للتملك بحق الحيازة، وقال الدين: إن أحق الناس بمدافن الأنبياء هم الذين يؤمنون بجميع الأنبياء، وقال التاريخ: إن العرب لم ينزعوا فلسطين من اليهود، ولم يهدموا لهم دولة قائمة، ولا ثلوا لهم عرشا مرفوعا، وإنما انتزعوها من الرومان، فهم أحق بها من كل إنسان".

- ويقول: "إن فلسطين أرض عربية لأنها قطعة من جزيرة العرب، وموطن عريق لسلائل من العرب، استقر فيها العرب أكثر مما استقر فيها اليهود، وتمكن فيها الإسلام أكثر مما تمكنت اليهودية، وغلب غليها القرآن أكثر مما غلبت التوراة، وسادت فيها العربية أكثر مما سادت العبرية".

- وفي الدليل الأخير يقول: "ويقولون إن فلسطين منسك الأديان السماوية الثلاثة، وإنها قبلة لأهل تلك الأديان جميعا، فإن كان ما يقولون حقا - وهو حق في ذاته - فإن أحق الناس بالائتمان عليها العرب، لأنهم مسلمون، والإسلام يوجب احترام الكتب والكتابيين، ويوجب الايمان بجميع الأنبياء والمرسلين، ويضمن إقامة الشعائر لليهود والمسيحيين، لا اليهود الذين كذبوا الأنبياء وقتلوهم، وصلبوا - بزعمهم - المسيح الصادق، وشردوا حوارييه من فلسطين، وكفروا بمحمد بعدما جاءهم بالبينات".

الحق أن تنازع الأدلة في القضية لا يكاد يخرج عن هذه الأدلة التي رجّح بها الإبراهيمي وجه الحق الشرعي والعقلي والتاريخي فيها، كما أن دليلا واحدا من هذه الأدلة كاف لوضع الأمور في نصابها، لكن المؤامرة أكبر من صحة وصدق الأدلة، ومقارعة الحجج للحجج.