لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الأحد، 30 سبتمبر 2007

دعوة للاعتراف العلني بمسؤولية فرنسا عن مخلّفات الاستعمار


في مساهمة للمؤرخين جيلبير مينيي وإيريك سفاريس
دعوة للاعتراف العلني بمسؤولية فرنسا عن مخلّفات الاستعمار

لا يزال الموقف الفرنسي الرافض للاعتذار عن جرائم الاستعمار يثير عدة ردود أفعال من كلا الطرفين· وتدخل مساهمة المؤرخين جيلبير مينيي وإيريك سفاريس ''الجزائر- فرنسا: التاريخ والرهانات السياسية'' ضمن المبادرات المناهضة للأطروحات الرسمية والداعية إلى ضرورة ''تبني المؤرخين لتصريح علني موحد يساند مبدأ اعتراف السلطات العمومية الفرنسية بمسؤوليتها في مآسي الاستعمار''·
يفضل صاحبا المساهمة أن يكون ''الاعتراف تصريحا علنيا''، دون صياغته في شكل قانون وتفادي إضفاء ''مسؤولية جنائية'' على هذه المبادرة· ويندرج هذا الاقتراح ضمن نفس الجبهة المناوئة للخطاب الرسمي للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بعد مبادرة جمع الإمضاءات ضد قانون 23 فيفري حول الدور الإيجابي للاستعمار الفرنسي· معتبرين أن ''مفاهيم السلبي والإيجابي لا تدخل ضمن إشكاليات الأستاذ والمؤرخ''·
وسعيا منهم لإعطاء دفع للنقاش الدائر حول الماضي الاستعماري الفرنسي، اقترحا أن يشمل الاعتراف ''مئات الآلاف من الجزائريين الذين تعرضوا للإبادة خلال الاحتلال 1830 - 1857 لغاية حرب 1954 - 1962، مرورا بالقمع الدموي لانتفاضات (1864، 1917/ 1916، 1945)، والتشريد الجماعي للجزائريين بعد سلب أراضيهم، بالإضافة إلى حرمانهم من المواطنة الفرنسية ووقوعهم تحت طائلة قانون الأهالي، وانتشار التخلف؛ بحيث تبيّن الإحصاءات الرسمية الفرنسية أن نسبة التلاميذ الجزائريين المتمدرسين خلال سنة 1954 لا يفوق 6,14 بالمائة''· على صعيد آخر، دعا المفكران إلى عدم استثناء '' شريحة الأوروبيين ويهود الجزائر المقصاة من طرف النظام الاستعماري، ولقد دافع بعضهم بشجاعة عن الجزائريين المضطهدين''·
ولإزالة كل لبس عن هذا المقترح، اعتبرا أن ''آلام هذه الشريحة لا تضاهي حجم معاناة وآلام الجزائريين· لكن كل ألم يستحق الاعتراف والدراسة''·
في السياق ذاته، انتقد مينيي وسفاريس مفهوم ''التوبة'' لما يحمله في طياته من شحنة دينية كاثوليكية، وأرجعا تعاطي الرئيسين الجزائري والفرنسي مع المفهوم لتداعياته الإعلامية وتقويضه للنقاش، لتفادي الخوض في الحاضر والتركيز على الماضي· واستدلا بتصريحات الرئيس الفرنسي في 26 جويلية الماضي بداكار السينغالية كمثال عن التنصل من المسؤولية، بإثارة الضغائن والنزاعات القديمة ومحاولة الاحتماء بالأيديولوجية لتحييد السياسة، وفي نفس السياق عرقلة العمل التاريخي الذي بدأ يأتي ثماره، بدليل أن ''البحث بدأ يغادر ضفاف الضغينة وذاكرة الضحية··· لأن واجب الذاكرة سيفسح المجال لا محالة للعمل على الذاكرة، حسب بول ريكور''· ويرى المؤرخان أن خلاص فرنسا يلزمها بالمبادرة بالاعتراف بمسؤولية الاستعمار في معاناة واضطهاد الشعوب المستعمَرة ''لأن الجزائر هي من تعرضت للاحتلال الفرنسي وليس العكس''·
في المقابل حثوا الطرف الجزائري على إعادة النظر في''التاريخ والتصريحات الرسمية، بالابتعاد عن لغة الخشب المستعملة في كتب التاريخ ''· وتساءلوا عن الغاية من وراء حصر الجزائريين في موقع الضحية، رغم أن التاريخ أظهر أنهم كانوا فاعلين وقادرين على تحديد مصيرهم بأيديهم، كما يبينه تاريخ الحركة الوطنية وكفاحهم ضد المستعمر الفرنسي الذي لا يحتاج إلى تصريحات ''فارغة'' لإضفاء الشرعية الأيديولوجية على حكم السلطة القائمة·
وفي الأخير ثمن أصحاب المبادرة عمل الباحثين في ميدان التاريخ من الضفتين، وتمنوا لو يتوصل إلى تشكيل فرق عمل بين مؤرخي البلدين لإنجاز كتاب تاريخ مشترك بعنوان: ''تاريخ بلا حدود''·


الخميس، 27 سبتمبر 2007

رسالة رئيس الجمهورية إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي


إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله و رعاه،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته، و بعد،

تفضلت برسالتكم الغراء شاكرا مـمتنا لــما فيها من عواطف الصدق والإخاء، تـجاه شعبكم في الـجـزائر، على إثر ما ارتكبته الفئة الضالة من جرم وإثم في حق الأبرياء، و لــما حوته من كنوز القول، و درر النصيحة بـما أنزل الــحق، وبـما هدى به الأقوام سيد الأنام عليه الصلاة و السلام، إلى سبل الرشد والــمحبة، و التعايش و السلام.

لقد استزدت انتصاحًا برأيكم السديد، و زدت ثباتا على مبدأ الــمصالــحة والــمآخاة بين الناس، و الدفع بالــحسنى، و إشاعة السلــم، والاجتهاد في طريق العدل والــمساواة، و العمل على إرساء أسس نهضة اقتصادية تـحرر الأمة من بؤس الفاقة، و ربقة الدائنين، فتزكى أعمالها، وتنهض على نهج قيــم خال من الشطط، و التطرف و الغلو، محصن ضد التيارات الهدامة، و مظاهر الاستلاب و التفسخ.

ذلك دأبنا فضيلة الشيخ، و الأخ الكريــم، بعد أن أمننا الشعب على أرواحه وأرزاقه و معتقده، و أيدنا في مسيرة الوئام و الــمصالـحة الوطنية كضامن لــحقن الدماء، و نبذ الفرقة و الشنآن، و جمع الناس على كلــمة سواء .

ولن نستنكف بإذن الله تعالى عن سبيل الــمصالــحة، مهما عتت نفوس البعض، و تـحجرت، ومهما صُمّت آذانهم عن سماع قول الــحق و اليقين، لاعتقادي الراسخ أن هؤلاء الــمتطرفين والــمغالين من تكفيريين و مجرمين، ومن يــمولهم، و يؤول لهم، ويشرع بغير ما أنزل الله و بغير ما سنّ الرسول، وبغير ما أتفق عليه العلــماء الثقاة، هم على ضلال يخسؤون و يكون مآلهم الـخسر والهزيــمة.

لقد أجابت رسالتكم عن هؤلاء، وأفحمت دعاواهم، وعرتهم من عللهم وأسبابهم و أهدافهم، فذكرتم من الآيات و الأحاديث و الأمثلة، ما يقوض بنيانهم القائم علـى الضلال، كأنه عهن منفوش، و ما يبطل هرطقاتهم، ويبعد انحرافاتهم.

وتلك لعمري من أنبل و أعظم مهام العلــماء و الفقهاء الوعاض في هذا الوقت الذي أنبري فيه رهط من غلاة القوم باسم الدين، من أصحاب »الفريضة الغائبة « على حدّ زعمهم ففتنوا شبابا على غير وعيهم، و ألبوهم على شعوبهم بفتـاوى كاذبة وآراء " خارجية " لا قبــــل لدييـــنا الــحنيف بها، ولا لشريعتنا السمحة الغراء.

فغدوا و بالاً و نقمة و عارا على ديننا و أمتنا، ففسحوا بذلك للــمتربصين بديننا الــمجال و هيئوا لهم الذرائع لوسم أمة الإسلام بالإرهاب وجريرة التخلف والعنف.

و إن لكم فضيلة الشيخ باعا و تاريخا في رأب الصدع بين الـمسلمين، وفي درء الأخطار و الـمكاره عنهم من منطلق غيرتكم وحرصكم على حرمة دماء أبنــاء أمة لا إله إلا الله، التي ما فتئتم تدافعون عن امتدادها عن حرمة أموال الــمسلــمين و دمائهم و أعراضهم في كافة أصقاع الــمعمورة بقوة حجة و اقتدار في بذلكم لعظيم الــجهد في مواجهة تيارات من الأفكار الشاذة التي يبتدعها هؤلاء و هؤلاء حتى يشوّهوا تعاليم ديننا السمحة، التي ظلت طوال التاريـخ تتسم بالوسطية و الاعتدال، و يضلّلوا شبابا من أمتنا الإسلامية و يروّعــوا الأبرياء من الــمسلــمــين و غير الــمسلــمـــين بادعـــاء ما يسمونه جهادا، و الــجهاد منهم براء.

فضيلة الشيخ و الأخ الكريم،

أما و قد شفاكم الله ومنّ عليكم بالصحــة و العافية و الهناء، فما ذلك إلاّ من فضل الله و رعايته، فأنتم جديرون بكل محبة و تقدير و رعاية وإكبار، فلكم في قلوب الـجزائريين و الـجزائريات مكانة الصدارة بـما منّ الله به عليكم من خلق حميد و علــم غزير وورع و تقوى، و بـما تـحليتم به طول الــحياة من وفاء لـخدمة رسالة الإسلام، بالوعظ و الإرشاد، وبالإفتاء والاجتهاد، و بالتأليف و نصح العباد.

أغتنم أفضال هذا الشهر الــمبارك شهر الرحمة و الــمغفرة و العتق من النار، مبتهلا إلى الله أن يديــم عليكم و علينا نعمه، و يهدينا سواء السبيل ويؤمن لأمتنا أسباب الرقي و الازدهار، و الــمحبة والسـلام.

و تفضلوا سماحة الشيخ و الأخ الكريــم، بقبول دائم الــمودة و التقدير و الاحترام.

أخوكم
عبد العزيز بوتفليقة


حرر بالـجزائر في يوم 03 رمضان 1428 هـ الـموافق 15 سبتـمبر 2007م

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2007

A moins d’un énième amendement de l’accord bilatéral Les Algériens non concernés par la loi «Hortefeux»

Voulue par Sarkozy, ficelée par Hortefeux et endossée par le législateur, la nouvelle loi sur l’immigration est désormais prête. Le temps d’un détour de simple formalité par le Sénat, d’une publication au Journal officiel, de la sortie des textes d’application et le nouveau texte entrera en vigueur.
Réglementairement, les Algériens ne seront pas soumis aux récentes dispositions qui, pour l’essentiel, portent sur un durcissement du regroupement familial. A s’en tenir à l’esprit de la législation française, les conditions voulues par la majorité ne sont pas opposables aux «nationaux». A moins d’un amendement de l’accord franco-algérien et de son alignement sur le droit commun, rien ne change pour les Algériens. La raison tient à la Constitution française, laquelle souligne explicitement la supériorité d’un accord bilatéral au détriment d’une loi d’un même champ de compétence. Dès novembre 1945 et la promulgation de la première loi hexagonale sur l’immigration, le législateur a prévu un statut dérogatoire aux étrangers soumis à un accord bilatéral. En l’occurrence, les Algériens continueront, comme si de rien n’était, à être gérés selon les dispositions de l’accord bilatéral franco-algérien du 27 décembre 1968 modifié.

Qu’il s’agisse de l’entrée, du regroupement familial et du séjour sur le territoire français, le traitement de leurs cas se fera - jusqu’à nouvel ordre - sur la base de cette seule référence législative. Reste à savoir si, la loi durcie, Paris serait tenté d’adosser les nouvelles dispositions «Hortefeux» à l’ensemble des accords bilatéraux. Hypothèque, la question l’est à l’évidence, rien ne permettant, à l’heure actuelle, de scruter les intentions de Paris. Depuis le lancement, voici bientôt trois mois, du projet de loi sur l’immigration, le gouvernement français s’est gardé de la moindre allusion au sort des traités bilatéraux. Ni Sarkozy, ni le Premier ministre François Fillon, ni Brice Hortefeux n’ont anticipé sur la modification ou non des conventions bilatérales.

Pour autant, le chef de l’Elysée et son ministre chargé de l’immigration n’ont, à aucun moment, fait mystère de leur détermination à mener jusqu’au bout leur politique d’immigration choisie et de maîtrise des flux migratoires. Deux déclinaisons sémantiques synonymes d’un durcissement sans précédent de la politique migratoire de la France.

En tout état de cause, si elle venait à être à l’ordre du jour au sein de l’exécutif français, une application des dispositions «Hortefeux» aux Algériens supposerait d’amender l’accord bilatéral de décembre 1968 pour l’adapter au droit commun. Or, une telle démarche ne peut se passer d’une négociation entre les deux gouvernements qui, par définition, est un processus lourd et étalé dans le temps.

Illustration d’un processus à la faisabilité lente, la négociation autour du dernier amendement de l’accord de 1968, le troisième, avait pris trois longues années. Avec la précision - de taille - que les motifs d’amendement étaient à l’avantage exclusif des Algériens. A l’époque, il s’agissait de faire profiter les «nationaux» des avantages introduits dans le droit commun par la loi Chevènement de 1998. A commencer par la possibilité d’ouvrir droit à de nouveaux types de carte de séjour : retraité, vie familiale, profession artistique.

Il aura fallu trois longues années de négociations et d’échanges de lettres entre les deux gouvernements pour que Abdelaziz Ziari, alors ministre chargé de la Communauté nationale à l’étranger, et Daniel Vaillant, ministre de l’Intérieur du gouvernement Jospin, apposent leurs signatures au bas d’un texte en dix articles.

Officiellement, au jour d’aujourd’hui, l’Algérien régulièrement installé en France et sollicitant un regroupement familial pour les siens restés en Algérie n’a pas à redouter les nouvelles mesures draconiennes adoptées par les députés. Aucune exigence de ressources supplémentaires par rapport à ce qui était exigé jusque-là, encore moins de test ADN ou de test d’évaluation de la langue française et des valeurs de la République française. Tout au plus, doit-il justifier d’un logement décent et aux normes, de ressources «stables» et ne pas être polygame.

الجمعة، 21 سبتمبر 2007

الشيخ القرضاوي : صنفان يعاديان الشيخ الغزالي



ومن أعجب ما ذكره هذا الشخص العلماني التونسي اسمه الشابِّي هذا أنه هاجم شيخنا الشيخ محمد الغزالي وهاجمني معه وقال إن الغزالي الذي كان يرأس جامعة الأمير عبد القادر أو يديرها من الناحية العلمية هو الذي بذر بذور التطرف والعنف في الجزائر وجاء القرضاوي بعده فكمَّل دوره وهذا افتراء على الحق والتاريخ، وما كنت أريد أن أعيره التفاتاً فمثل هؤلاء نقابلهم بما قال الله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)، (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) كان أولانا أن نسكت عن هذا الجاهل الأحمق المعادي للإسلام بصراحة وتبجُّح والذي يدافع عن العلمانية اللادينية بكل وقاحة والذي يهاجم الإسلام وشريعته بكل صراحة ويقول لم يعد في عصرنا مكان لتطبيق الشريعة، هذا كان أولى بنا أن نسكت عنه لولا أن بعض الأخوة اتصلوا بي وألحُّوا عليّ أن أتحدث، والذي حداني أن أتحدث هو تطاوله على الشيخ الغزالي خصوصاً أننا في هذه الأيام في الذكرى الرابعة لوفاة الشيخ الغزالي رحمه الله، الشيخ الغزالي توفي في التاسع من مارس أي منذ أيام فذكرى الشيخ الغزالي وحقه علينا يستوجب أن نرد عنه وأن نذود عن حرماته، لا يمكن أن يوصف الشيخ الغزالي بالتطرف ولا بالعنف الشيخ الغزالي وقف عمره كله وخصوصاً في سنواته الأخيرة يحارب التطرف والعنف ويدعو إلى الاعتدال والتسامح وإلى العقلانية..


صنفان يعاديان الشيخ الغزالي
ولذلك نجد الذين يعادون الشيخ الغزالي صنفين من الناس إما من المتشددين والمتطرفين الإسلاميين حتى أن بعضهم قابلني يوماً وقال لي ما رأيك في الغزالي قلت: الغزالي حجة الإسلام وهو الذي وقف ضد الفلاسفة وضد الباطنية، قال لا أسألك عن هذا الغزالي القديم إنما أسألك عن الغزالي الجديد، قلت هذا عالِم من كبار علماء الإسلام ومن كبار الدعاة الذين وقفوا حياتهم ونذروا أنفسهم للدفاع عن الإسلام، والوقوف في وجه أعداءه وفي وجه التيارات الهدَّامة والمضلِّلة، قال ولكنا نفتي بكفره، قلت بكفره؟!، قال نعم بكفره ورِدته، لماذا؟ قال: لأنه رد بعض الأحاديث في البخاري، قلت: وبرد حديث في البخاري أو حديثين يخرج الرجل من المِلِّة، لو كان الأمر كذلك لحكمنا بالردة على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لأنها ردت بعض الأحاديث على الصحابة الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها بحكم ثقافتها قالت لا ليس هذا صحيحاً هذا مناقض للآية الكريمة كذا وللآية كذا، فالإنسان يكفر لو رد السنة كلها، وقال لا نأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، السنة ليست مصدراً للتشريع ولا للتوجيه، أما أن يملأ الرجل كتبه بالأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتب الرجل فقه السيرة وعينه تترقرق دمعاً وهو في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أما الرجل الذي عاش مدافعاً عن السنة في كتبه وعن القرآن كيف نحكم عليه بالكفر، فانظروا إلى هذا الحد يُتَّهم الشيخ الغزالي من المتشددين، فالذين يهاجمون الشيخ الغزالي ويعادونه إما من هؤلاء المتشددين الذين أُغلقت عقولهم وسُجنوا في ظواهر بعض الألفاظ ولم يفقهوا الدين ولم يفقهوا الحياة هذا صنف، والصنف الآخر هم المتطرفون من العلمانيين الذين يعادون الإسلام نفسه، هؤلاء من داخل المسلمين، والقوى الأخرى المعادية للإسلام من الصهيونية والصليبية والوثنية والقوى المتربصة بهذا الدين وبأمته..

وقف الغزالي ضد المتطرفين العلمانيين
هؤلاء وقف الغزالي ضدهم في كتب عدة، وقف ضد الصهيونية ووقف ضد الصليبية، ووقف ضد الطواغيت الذين أذلوا الأمة، وقف ضد هؤلاء في كتب شتى وفي السنوات الأخيرة وقف جهوده على محاربة التطرف، التدين الزائف، التدين المنقوص المغلوط، كتب الشيخ الغزالي الأخيرة "دستور الوحدة الثقافية"، "مشكلات في طريق الحياة الإسلامية"، "هموم داعية"، "عِلل وأدوية"، "الطريق من هنا"، "الحق المر"، "مستقبل الدعوة في القرن الخامس عشر الهجري" ..الخ هذه الكتب وعدد من الكتب ظل الشيخ الغزالي يُبدء ويعيد وهمه أن يحارب هذه النـزعة؛ نزعة الغلو والتطرف والتشدد، وكان يؤمن أن الإسلام لا يُخدم إلا بهذا النوع من التدين الذي يجمع بين العقل والنقل، بين الحكمة والشريعة بين الدين والدنيا بين السماء والأرض، هكذا كان الشيخ الغزالي، هؤلاء هم الذين يعادون الشيخ الغزالي، ومن هؤلاء هذا المحاور الذي كان في الاتجاه المعاكس، فهو محاور من دعاة الاستئصال، من دعاة فلسفة تجفيف الينابيع وهذه فلسفة تقوم عليها بعض الدول وهو ممن كتبوا فيها، هذه الفلسفة تقوم على تجفيف منابع التدين الحقيقي الإيجابي في التعليم والثقافة والإعلام، يجب تنقية مناهج التربية والتعليم في المدارس والمعاهد والكليات من الحضانة إلى الجامعة من كل شيء ينشئ الشخصية الإسلامية المعتزة بدينها الموالية لربها ولأمتها الغيورة على دينها الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر فكل ما يتعلق بهذه الألوان من الثقافة تُحذف ولا تبقى في مناهج التعليم والتربية، أي كلام عن اليهود والتحذير من اليهود وعداوة اليهود وخطر اليهود ينبغي أن يُحذف أي كلام عن موالاة غير المسلمين (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) يُحذف، أي كلام عن البطولة الإسلامية والوقوف في وجه الباطل والثورة على الظلم ينبغي أن يُحذف أي كلام ينشئ الشخصية المسلمة الإيجابية لا مكان له في مناهج التربية والتعليم، هذا ما يريده هؤلاء وكذلك في مناهج الثقافة والإعلام في التلفاز أو في الإذاعة أو في الصحافة لا يوجد مكان للحديث عن هذه المعاني..

نسبية الحقائق
لقد قرأت مقال أحدهم في صحيفة الأهرام في القاهرة قال: إننا نريد أن نعلِّم أولادنا وناشئتنا نسبية الحقائق، أن الحقائق نسبية، ليس هناك حقيقة مطلقة، إذا كنا نقول نحن: الله واحد، فهناك من يقول: هناك آلهة ثلاثة (الله ثالث ثلاثة)، هناك من يقول بالوثنية، إذا كنا نقول نحن أن هناك آخرة وجنة وناراً، هناك من يقول بتناسخ الأرواح وليس هناك جنة ولا نار، إذا كنا نحن نقول بنبوة محمد فهناك من لا يؤمن بنبوة محمد، كل هذه الحقائق التي نعتبرها نحن حقائق مطلقة ولا يجوز الاختلاف عليها ولا التشكيك فيها هؤلاء يقولون هي حقائق نسبية، حقائق عندنا نحن وليست حقائق عند آخرين، فلا يجوز أن نتعصب ولا يجوز أن نعتبر هذه أشياء لا كلام فيها ولا جدال فيها، هذا ما يقوله هؤلاء يريدون أن يجعلوا الدين عجينة لينة يشكلونها كيف يشاء حتى العقائد الأساسية ينبغي أن تؤخذ هذا المأخذ عند الطفل المسلم والتلميذ المسلم، هذا ما يريده دعاة تجفيف الينابيع في ثقافة الأمة وتربيتها وتعليمها وإعلامها.

الشيخ الغزالي معروف بوسطيته واعتداله
هذا الذي يهاجم الشيخ الغزالي ويقول أنه هو الذي بذر بذور التطرف في الجزائر، وفي جامعة الأمير عبد القادر وفي تلفزيون الجزائر، بالله عليكم هل يعقل أن يَكِل رئيس جمهورية لرجل أن يتولى توجيه جامعة ناشئة يتولاها ليزرع فيها التطرف ويبذر فيها العنف، أيعقل أن رئيس دولة وهو الشاذلي بن جديد يقول للشيخ الغزالي نريد أن تعلِّم شباب الإسلام الصحيح بعيداً عن تسيب المتسيبين وتطرف المتطرفين، هل يعقل أن رئيس دولة يكلِّف إنساناً ببذر العنف والتطرف في بلده، أهذا من العقل، أيعقل هذا؟ هذا لا يعقل أبداً، الشيخ الغزالي كان معروفاً بوسطيته واعتداله وتسامحه وعقلانيته، ولو خرج عن الوسطية يوماً فإنما يخرج عنها في اتجاه العقلانية واتجاه التسامح والتساهل والتيسير، فكيف يُتَّهم الشيخ الغزالي بأنه هو الذي بذر بذور التطرف، لا أريد أن أتحدث عن نفسي لأكمل مشوار الشيخ الغزالي في بذر بذور العنف والتطرف في الجزائر، بالعكس الشيخ الغزالي كانت مهمته في الجزائر مقاومة التطرف وهذا ما ذكره في كتبه أنه لاقى ما لاقى من المتطرفين في المملكة حينما كان في جامعة أم القرى وهنا في قطر حينما عاش بيننا ثلاث سنوات في كلية الشريعة في جامعة قطر وكنت عميدها في ذلك الوقت وكذلك في الجزائر وقد بقي فيها خمس سنوات قاسى ما قاسى من المتشددين والمتطرفين، وكان مهمته أن يبذر بذور الاعتدال والتسامح والحوار بالعقل، الفكر مع الشرع والنقل هكذا كان الشيخ الغزالي، لو كان الشيخ الغزالي متطرفاً ما دعته البلاد العربية والإسلامية إليها، كان يدعى في كل سنة هنا في رمضان إلى قطر، وكان يدعى إلى الكويت وكان يدعى إلى السعودية وقد نال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وقد وافاه الأجل حينما كان مدعواً في مهرجان الجنادرية وأصابه ما أصابه حينما سمع ما ينال الإسلام، وقد كان الرجل ينتفض انتفاضاً حينما يسمع أي كلمة تمس الإسلام يغضب ويزأر زأرة الليث ولا يقف في وجهه أي أحد حينما يغضب للإسلام، هذه الغضبة الأخيرة أجهزت عليه رحمه الله، فمات وكأنما السيف في يده، مات وهو شاهر سيفه في المعركة للدفاع عن الإسلام عاش عمره للإسلام.

لم يخش في الحق لومة لائم
عاش الشيخ الغزالي منذ عرفناه شاباً صغيراً متخرجاً في الأزهر الشريف يكتب بقلمه ويخطب بلسانه، يدافع عن الطبقات الضعيفة الكادحة لازلت أذكر كلماته في مقدمة كتابه "الإسلام والمناهج الاشتراكية" وهو يدعو الفقراء والمستضعفين ويقول يا ضحايا الفقر والجوع والحرمان هُبُّوا، إن الشفاه التي تأمر بإذلالكم يجب أن تُقص، وإن الأوضاع الظالمة التي تجتاحكم يجب أن تقصى وإن الفراغ الذي خامر بطونكم وأفئدتكم يجب أن تنـزاح غُمَّته إلى الأبد، هذا هو الغزالي نصير المستضعفين في الأرض من أول يوم، نصير المرأة التي ظلمها الناس في كتبه من أوائل كتبه كتاب "من هنا نعلم" وقد رد فيه على الشيخ خالد محمد خالد وكان صديقاً له ولكنه حينما رآه انحرف عن الجادة وكتب كتابه "من هنا نبدأ" وفيه هاجم الحكم الإسلامي وهاجم فيه العدالة الإسلامية سماها اشتراكية الصدقات ..الخ، وقف الشيخ الغزالي يرد عليه ويبين خطأه ويذكر الصواب، فالحق أحق أن يتبع ولا ينبغي للإنسان أن يخاف في الله لومة لائم، وقف الشيخ الغزالي ضد الطغيان والاستبداد، كنا نحن في معتقل الطور سنة 1949، وكان يحاضرنا يلقي علينا محاضرات في موقف الإسلام من الاستبداد السياسي ونحن في المعتقل، لم يخف أن يتجسَّس علينا متجسِّسون وأن ينقل ذلك ناقلون ويقول أن هذا كلام ضد الحكومة، لم يبالي بذلك وظهر بعد ذلك هذه المحاضرات ظهرت في كتاب "الإسلام والاستبداد السياسي".

حسبك نصراً أن خصمك يحارب الله ورسوله
وقف الشيخ الغزالي طول عمره منادياً بالإصلاح، مناديا بالتجديد، منوِّهاً بالشورى التي ينبغي أن تكون أساس الحياة الإسلامية (وأمرهم شورى بينهم) مقاوماً للطغيان والاستبداد أياً كان مصدره منادياً بوحدة المسلمين في العالم، هكذا كان الشيخ الغزالي ولذلك رحَّب به المسلمون في أقطار الأرض مشارقها ومغاربها، أينما ذهب الشيخ الغزالي رحب به دعاة الإسلام وعلماء الإسلام في كل مكان فكيف يقول هؤلاء عن الغزالي ما قالوه، كان الغزالي يتمثل رحمه الله ببعض أبيات من أبيات ديوان "الحماسة" يقول:
لقد زادني حباً لنفسي أنني بغيض إلى كل امرئ غير طائل
وإني شقيٌ باللئام ولا ترى شقياً بهم إلا كريم الشمـائل
أني بغيض إلى كل امرئ غير طائل ليس له طول ولا فضل، وكان يحكي ما يقوله بعض السلف حسبك نصراً أن خصمك يحارب الله ورسوله، الذين يخاصمون الشيخ الغزالي من هؤلاء العلمانيين واللادينيين إنما يحاربون الله ورسوله ويقفون ضد الشيخ الغزالي لأنه وقف مدافعاً عن الإسلام عن دين الله وعن سنة رسول الله وعن كتاب الله، لم يهِن يوماً ولم يُلقِ السلاح يوماً بل ظل مصابراً مرابطاً مثابراً إلى آخر رمق في حياته، إننا يا أيها الأخوة الأحبة نعجب لهؤلاء الناس المتطاولين، الذين يملكون ألسنة طويلة ويملكون عقولاً قصيرة ويملكون هِمماً واهنة هؤلاء الناس الذين يرضخون للغرب وللثقافة الغربية ولتيارات التغريب، ويهاجمون الدعاة الأصلاء الذين يريدون لهذه الأمة أن تستمسك بالعروة الوثقى أن تبقى على الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، نعجب لهؤلاء المتطاولين بالباطل الذي يقفون في وجه الجبال الشُم ونقول لهم ما قاله الشاعر قديماً:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه أشفِق على الرأس لا تُشفق على الجبل

لن تستطيع أن تنطح الجبل أشفق على رأسك إذا نطحت الجبل، هؤلاء يناطحون الجبال ولا يمكن أن ينتصروا في المعركة.

المستقبل لهذا الدين
نحن مؤمنون بأن الغد لهذا الدين والمستقبل لهذا الإسلام وأن هذه الأمة إلى خير في جملتها، الصحوة الإسلامية وقعت ولا يمكن أن تخمد جذوتها، الشيخ الغزالي قام في الجزائر وهيأ الله له صحوة عظيمة لاشك أنه كان أحد الأعمدة التي اعتمدت عليها هذه الصحوة والتي أثمرت ثمراتها امتدت جذورها في الأرض وبسقت فروعها في السماء لأنها كانت (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)، كنت أخطب في الجزائر في مثل صلاة الجمعة هذه، فيحضر في المسجد عشرات الآلاف، بعض المساجد من ثلاثة أدوار تمتلئ الأدوار الثلاثة والساحات حول المسجد والطرقات والميادين المؤدية إلى المسجد حتى تتعطل المواصلات صحوة لم أر لها نظيراً، وكان المفروض أن تؤتي هذه الصحوة أكلها وتحقق أهدافها وأن يؤدي اختيار الشعب إلى من يختارهم الشعب ولكن للأسف وقفت القوى المعادية للإسلام وقفت ضد هذه الصحوة وضد نتائجها المفترضة، صناديق الانتخاب أدت إلى اختيار مجموعة من الناس هذا هو حقهم، الشعب اختار فعليه أن يتحمل المسؤولية ولكن هؤلاء وقفوا في وجه الشعب قطعوا عليه اختياره، قطعوا عليه الطريق وقالوا له أنت لست أهلاً للاختيار، أنت لست راشداً، أنت في حاجة إلى وصاية، حينما اختار غير الإسلاميين كان الشعب راشداً فلما اختار الإسلاميين كان الشعب طفلاً وكان الشعب في حاجة إلى وصاية، هؤلاء يكيلون بكيلين، معاييرهم مزدوجة، لا يعرفون الحق الصحيح ولا العدل الصريح، إننا نعتقد أن الإسلام قادم إن شاء الله، كل ما ننصح به أهل الإسلام ودعاة الإسلام أن يحتكموا إلى الفهم الصحيح للإسلام، ألا تشغلهم الجزئيات عن الكليات، لا يشغلهم الشكل عن الجوهر، لا تشغلهم النوافل عن الفرائض، لا تشغلهم المكروهات عن المحرَّمات، لا تشغلهم الصغائر عن الكبائر، لا يشغلهم المختلف فيه عن المتفق عليه، نحن في حاجة إلى فهم صحيح لهذا الدين في ظل التسامح، نحن أولى الناس بالتسامح، نحن لا نعادي إلا من يعادينا ولا نحارب إلا من يحاربنا وإلا فأيدينا مبسوطة لكل الناس وقلوبنا مفتوحة لكل الناس نسالم من سالمنا، ونسامح من سامحنا ولا نفرِّط في ذرة من ديننا، لا نبيع ديننا بملك المشرق والمغرب، هذا الدين أمانة في أعناقنا، وقد كلفنا الله تعالى أن نقوم على حراسة هذا الدين، وعلى حياطة هذا الدين إيماناً به واتباعاً له ودعوة إليه، وغيرة على حرماته، وجهاداً في سبيله وسنظل كذلك حتى نلقى الله عز وجل.

الشيخ الغزالي أحد المجددين لهذا الدين
يا أيها الأخوة كان الشيخ الغزالي رحمه الله إماماً من أئمة هذه الأمة، كان من المجدِّدين لهذا الدين، سمَّاه أبوه محمد الغزالي، محمد الغزالي هو اسمه، ليس لقبه الغزالي بل سمَّاه أبوه محمد الغزالي أحمد السقا أبوه اسمه الشيخ أحمد السقا، لكن أباه أراد أن يكون لهذا الصبي أو لهذا المولود أن يكون فيه نفحة من الإمام محمد بن محمد بن محمد الغزالي أبو حامد الغزالي حجة الإسلام السابق، فسمَّاه محمد الغزالي تيمناً بهذا وفعلاً كان غزالي عصره وكان أحد المجددين لهذا الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها" أنا من أنصار أن "من" في هذا الحديث للجمع وليس للمفرد، "من" تصلح للمفرد وتصلح للجمع (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) فأعاد عليها الضمير بالجمع، ولذلك الذين يجدِّدون الدين هم جماعة، جماعات من الناس وليس فرداً واحداً ولا شك أن الشيخ الغزالي أحد هؤلاء الأفذاذ الذين أسهموا بجهد مشكور في خدمة الإسلام وتجديد الإسلام نسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر للشيخ الغزالي ويرحمه ويتقبله في الصالحين، ويجزيه عما قدَّم لدينه ولأوطانه ولأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والدعاة الصادقين، وأن يبوء أولئك المتطاولون المتبجحون بإثمهم ويجزيهم الله بما يستحقون اللهم آمين.


يريد هؤلاء أن يشغلونا بعضنا ببعض
أيها الأخوة المسلمون أتابع ويدي على قلب ما يجري من أحداث على أرض فلسطين الحبيبة، فأنا من أحرص الناس على ألا يواجه الفلسطيني الفلسطيني، وألا تمتد يد الفلسطيني إلى أخيه، وألا يوجه السلاح إلى صدر فلسطيني آخر، ما أحوج هذا البلد الكريم إلى أن تتحد قواه في مواجهة ذلك الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي يراوغ ويلاوع ويكايد ويأخذ ولا يعطي شيئاً ويريد هؤلاء أن يشغلونا بعضنا ببعض، أن يشغلونا بأنفسنا ليستفيدوا من وراء الخلاف والصراع، هم الوحيدون الكاسبون والمستفيدون من صراع القوى الفلسطينية بعضها مع بعض، ويجب على أخوتنا الفلسطينيين أن يدركوا هذه الحقيقة، وما أظنها تغيب عنهم فهي لا تغيب عن عاقل أبداً، نريد للأخوة الفلسطينيين ما قاله الشيخ أحمد ياسين فقال لن تمتد يدنا بالعدوان إلى أحد من أهل فلسطين مهما أُصبنا ومهما نزل بنا سنظل كخير ابني آدم الذي قال له أخوه لأقتلنك فقال (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) لا ينبغي أن تستسلم لهذه التيارات التي تريد أن تصب الزيت على النار فقد قيل إن إسرائيل وإن رصاصات إسرائيل هي التي قتلت اثنين من الفلسطينيين أول أمس، قال بعضهم أن ذلك من السلطة الفلسطينية وقال بعضهم أن هذا من إسرائيل ولا يُستبعد ذلك، لا نستبعد على إسرائيل أن تعكِّر المياه لتصطاد وأن تصطاد في الماء العكر، وأن تنتهز الفرصة لتزيد الفرقة وتعمِّق الفجوة وتوسع الجفوة، هذا ما ينبغي أن نحذر منه، إننا حراص على أي دم فلسطيني إن يراق ولذلك حزنت كل الحزن حينما قتل اثنان من الفلسطينيين وحزنت كل الحزن حينما قرأت اليوم أن 85 جُرحوا في رفح ولازلت أخاف أن ينفَّذ حكم الإعدام في الأخ العطار الذي حكمت المحكمة بإعدامه، وأملنا في الرئيس الفلسطيني أن يلقى الأمر بشجاعة وحكمة ويعرف قدر هذا الموضوع ويطفئ النار في مهدها قبل أن يتطاير شررها ويتفاقم خطرها، وتأتي بأسوأ العواقب والنتائج، أسأل الله أن يسدِّده وأن ينير طريقه فلا يوافق ولا يصدِّق على هذا الحكم بالإعدام ويتفادى الخطر قبل وقوعه .. اللهم آمين

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2007

الدكتور القرضاوي يخيّر الإرهابيين بين الاستفاقة أو الانقراض


وجه تعازيه للرئيس بوتفليقة بعد اعتداءي باتنة ودلس
القرضاوي يخيّر الإرهابيين بين الاستفاقة أو الانقراض

قال الدكتور القرضاوي، إن الاعتداءين اللذين وقعا في كل من باتنة ودلس، حولا نية كتابة رسالة شكر وامتنان إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ''بعد عودتي إلى قطر·· إلى رسالة تعزية، بعد المأساة التي وقعت والجريمة النكراء التي حدثت في مدينة باتنة ومرفأ دلس، حيث اضطرتني أن تكون رسالتي تعزية ومواساة في ضحايا الجريمة والشهداء المظلومين الذين سقطوا صرعى بلا جناية ولا جريرة''·وجدد الدكتور القرضاوي دعوة الرئيس بوتفليقة إلى إتمام مسار المصالحة و''طي صفحة الماضي السوداء وجمع أبناء الجزائر تحت راية واحدة، مؤيدا موقف الرئيس الرافض للتطرف سواء كان تطرفا علمانيا أم تطرفا إسلاميا''· كما شدد في رسالته ''لا يمكن أن تتقدم أمتنا وتحقق مشروعها الحضاري بمنهج التطرف والغلو بل بمنهج الوسطية والاعتدال''· وتساءل القرضاوي، كيف يزعم هؤلاء الذين يسفكون دماء أهليهم أنهم إسلاميون وهم يرفضون الدعوة إلى المسالمة والمصالحة، في حين يأمر القرآن الكريم بقبول الدعوة إلى المسالمة من الحربيين المشركين، وتساءل: ''كيف يستبيح هؤلاء دماء الأبرياء بتفجيراتهم الهمجية وقد حرّم الله تعالى قتل النفس إلا بالحق''· واستغرب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، ''من أين يستقي هؤلاء أفكارهم السوداء التي تستحل قتل الناس بالجملة، والرسول الكريم يحرم أن يشير المسلم إلى أخيه بالسلاح مجرد الإشارة محرّم''· ووصف الشيخ مقترفي المجازر بـ''الخوارج'' الذين استحلوا دماء من عاداهم من المسلمين وأموالهم، قبل أن يوجه دعوته مجددا للإرهابيين، بالقول: ''إنني أدعو هؤلاء الشاردين أن يثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى ربهم ويراجعوا دينهم''· وأعطى صاحب الرسالة مثالا بالجماعة الإسلامية في مصر ''هؤلاء حملوا السلاح على قومهم سنوات طويلة ثم هداهم الله فراجعوا أنفسهم وأصدروا سلسلة من الكتب بلغت اثنى عشر كتابا سموها (المراجعات) خطأوا فيها أنفسهم وأعلنوا بصراحة تراجعهم عن مواقفهم· ووصف الشيخ القرضاوي الجماعات الإرهابية في الجزائر بـ''القلة الشاردة''، وقال: ''إما أن تفيق وتتوب وتنضم إلى شعبها وإما أن تزول وتنقرض كما انقرضت جماعات قبلها''·

الجمعة، 14 سبتمبر 2007

في ذكرى نشوبها: 2 رمضان 702هـ: بلاط الشهداء.. وتوقف المد الإسلامي بأوروبا




بلاط الشهداء.. وتوقف المد الإسلامي بأوروبا


(في ذكرى نشوبها: 2 رمضان 702هـ)
أحمد تمام

فتح المسلمون الأندلس سنة (92 هـ = 711م) في عهد الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك"، وغنموا ملك القوط على يد الفاتحين العظيمين طارق بن زياد وموسى بن نصير، وأصبحت الأندلس منذ ذلك الوقت ولاية إسلامية تابعة لدولة الخلافة الأموية، وتعاقب عليها الولاة والحكام ينظمون شئونها ويدبرون أحوالها، ويواصلون الفتح الإسلامي إلى ما وراء جبال ألبرت في فرنسا.
ولم يكد يمضي على فتح الأندلس سنوات قليلة حتى نجح المسلمون في فتح جنوبي فرنسا واجتياح ولاياتها، وكانت تعرف في ذلك الحين بالأرض الكبيرة أو بلاد الغال، وكان بطل هذه الفتوحات هو "السمح بن مالك" والي الأندلس، وكان حاكما وافر الخبرة، راجح العقل، نجح في ولايته للأندلس؛ فقبض على زمام الأمور، وقمع الفتن والثورات، وأصلح الإدارة والجيش.
وفي إحدى غزواته التقى السمح بن مالك بقوات الفرنجة في تولوشة (
تولوز)، ونشبت معركة هائلة ثبت فيها المسلمون ثباتا عظيما على قلة عددهم وأبدوا شجاعة نادرة، وفي الوقت الذي تأرجح فيه النصر بين الفريقين سقط السمح بن مالك شهيدًا من فوق جواده في (9 من ذي الحجة 102 هـ = 9 من يونيو 721م)، فاضطربت صفوف الجيش واختل نظامه وارتد المسلمون إلى "سبتمانيا" بعد أن فقدوا زهرة جندهم.
مواصلة الفتح
وعلى إثر استشهاد السمح بن مالك تولّى عبد الرحمن الغافقي القيادة العامة للجيش وولاية الأندلس، حتى تنظر الخلافة الأموية وترى رأيها، فقضى الغافقي بضعة أشهر في تنظيم أحوال البلاد وإصلاح الأمور حتى تولّى "عنبسة بن سحيم الكلبي" ولاية الأندلس في (صفر سنة 103 هـ = أغسطس من 721م)، فاستكمل ما بدأه الغافقي من خطط الإصلاح وتنظيم شئون ولايته والاستعداد لمواصلة الفتح، حتى إذا تهيأ له ذلك سار بجيشه في أواخر سنة (105 هـ = 724م) فأتم فتح إقليم سبتمانيا، وواصل سيره حتى بلغ مدينة "أوتون" في أعالي نهر الرون، وبسط سلطانه في شرق جنوبي فرنسا، وفي أثناء عودته إلى الجنوب داهمته جموع كبيرة من الفرنج، وكان في جمع من جيشه؛ فأصيب في هذه المعركة قبل أن ينجده باقي جيشه، ثم لم يلبث أن تُوفِّي على إثرها في (شعبان 107 هـ = ديسمبر 725م).
وبعد وفاته توقف الفتح وانشغلت الأندلس بالفتن والثورات، ولم ينجح الولاة الستة الذين تعاقبوا على الأندلس في إعادة الهدوء والنظام إليها والسيطرة على مقاليد الأمور، حتى تولى عبد الرحمن الغافقي أمور الأندلس في سنة (112 هـ = 730م).
عبد الرحمن الغافقي
لم تكن أحوال البلاد جديدة عليه فقد سبق أن تولى أمورها عقب استشهاد السمح بن مالك، وعرف أحوالها وخبر شئونها، ولا تمدنا المصادر التاريخية بشيء كثير عن سيرته الأولى، وجل ما يعرف عنه أنه من التابعين الذين دخلوا الأندلس ومكنته شجاعته وقدراته العسكرية من أن يكون من كبار قادة الأندلس، وجمع إلى قيادته حسن السياسة وتصريف الأمور؛ ولذا اختاره المسلمون لقيادة الجيش وإمارة الأندلس عقب موقعه "تولوشة".
كان الغافقي حاكما عادلا قديرا على إدارة شئون دولته، وتجمع الروايات التاريخية على كريم صفاته، وتشيد بعدله، فرحبت الأندلس بتعيينه لسابق معرفتها به وبسياسته، ولم يكن غريبا أن يحبه الجند لرفقه ولينه، وتتراضى القبائل العربية فتكف عن ثوراتها، ويسود الوئام إدارة الدولة والجيش.
غير أن هذا الاستقرار والنظام الذي حل بالأندلس نغصه تحركات من الفرنج والقوط واستعداد لمهاجمة المواقع الإسلامية في الشمال، ولم يكن لمثل الغافقي أن يسكت وهو رجل مجاهد عظيم الإيمان، لا تزال ذكريات هزيمة تولوشة تؤرق نفسه، وينتظر الفرصة السانحة لمحو آثارها، أما وقد جاءت فلا بد أن ينتهزها ويستعد لها أحسن استعداد، فأعلن عزمه على الفتح، وتدفق إليه المجاهدون من كل جهة حتى بلغوا ما بين سبعين ومائة ألف رجل.
خط سير الحملة
جمع عبد الرحمن جنده في "بنبلونة" شمال الأندلس، وعبر بهم في أوائل سنة (114 هـ = 732م) جبال ألبرت ودخل فرنسا (بلاد الغال)، واتجه إلى الجنوب إلى مدينة "آرال" الواقعة على نهر الرون؛ لامتناعها عن دفع الجزية وخروجها عن طاعته، ففتحها بعد معركة هائلة، ثم توجه غربا إلى دوقية أقطاينا "أكويتين"، وحقق عليها نصرا حاسما على ضفاف نمهر الدوردوني ومزّق جيشها شر ممزق، واضطر الدوق "أودو" أن يتقهقر بقواته نحو الشمال تاركا عاصمته "بردال" (بوردو) ليدخلها المسلمون فاتحين، وأصبحت ولاية أكويتين في قبضة المسلمين تماما، ومضى الغافقي نحو نهر اللوار وتوجه إلى مدينة "تور" ثانية مدائن الدوقية، وفيها كنيسة "سان مارتان"، وكانت ذات شهرة فائقة آنذاك؛ فاقتحم المسلمون المدينة واستولوا عليها.
ولم يجد الدوق "أودو" بدا من الاستنجاد بالدولة الميروفنجية، وكانت أمورها في يد شارتل مارتل، فلبى النداء وأسرع بنجدته، وكان من قبل لا يُعنى بتحركات المسلمين في جنوب فرنسا؛ نظرا للخلاف الذي كان بينه وبين أودو دوق أقطانيا
استعداد الفرنجة
وجد شارل مارتل في طلب نجدته فرصة لبسط نفوذه على أقطانيا التي كانت بيد غريمه، ووقف الفتح الإسلامي بعد أن بات يهدده، فتحرك على الفور ولم يدخر جهدا في الاستعداد، فبعث يستقدم الجند من كل مكان فوافته جنود أجلاف أقوياء يحاربون شبه عراة، بالإضافة إلى جنده وكانوا أقوياء لهم خبرة بالحروب والنوازل، وبعد أن أتم شارل مارتل استعداده تحرك بجيشه الجرار الذي يزيد في عدده على جيش المسلمين يهز الأرض هزا، وتردد سهول فرنسا صدى أصوات الجنود وجلباتهم حتى وصل إلى مروج نهر اللوار الجنوبية.
اللقاء المرتقب
الغرب مجد "شارل مارتل" لدوره في "بواتيه"
كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييه وتور بعد أن استولى على المدينتين، وفي ذلك الوقت كان جيش شارل مارتل قد انتهى إلى اللوار دون أن ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه، وحين أراد الغافقي أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر شارل بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي.
وفي ذلك السهل دارت المعركة بين الفريقين، ولا يُعرف على وجه الدقة موقع الميدان الذي دارت فيه أحداث المعركة، وإن رجحت بعض الروايات أنها وقعت على مقربة من طريق روماني يصل بين بواتييه وشاتلرو في مكان يبعد نحو عشرين كيلومترا من شمالي شرق بواتييه يسمّى بالبلاط، وهي كلمة تعني في الأندلس القصر أو الحصن الذي حوله حدائق؛ ولذا سميت المعركة في المصادر العربية ببلاط الشهداء لكثرة ما استشهد فيها من المسلمين، وتسمّى في المصادر الأوربية معركة "تور- بواتييه".
ونشب القتال بين الفريقين في (أواخر شعبان 114 هـ = أكتوبر 732م)، واستمر تسعة أيام حتى أوائل شهر رمضان، دون أن يحقق أحدهما نصرا حاسما لصالحه.
وفي اليوم العاشر نشبت معركة هائلة، وأبدى كلا الفريقين منتهى الشجاعة والجلد والثبات، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين، ولكن حدث أن اخترقت فرقة من فرسان العدو إلى خلف صفوف المسلمين، حيث معسكر الغنائم، فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، غير أن هذا أدى إلى خلل في النظام، واضطراب صفوف المسلمين، واتساع في الثغرة التي نفذ منها الفرنجة.
وحاول الغافقي أن يعيد النظام ويمسك بزمام الأمور ويرد الحماس إلى نفوس جنده، لكن الموت لم يسعفه بعد أن أصابه سهم غادر أودى بحياته فسقط شهيدا في الميدان، فازدادت صفوف المسلمين اضطرابا وعم الذعر في الجيش، ولولا بقية من ثبات راسخ وإيمان جياش، ورغبة في النصر لحدثت كارثة كبرى للمسلمين أمام جيش يفوقهم عددا. وصبر المسلمون حتى أقبل الليل فانتهزوا فرصة ظلام الليل وانسحبوا إلى سبتمانيا، تاركين أثقالهم ومعظم أسلابهم غنيمة للعدو.
ولما لاح الصباح نهض الفرنجة لمواصلة القتال فلم يجدوا أحدا من المسلمين، ولم يجدوا سوى السكون الذي يطبق على المكان، فتقدموا على حذر نحو الخيام لعل في الأمر خديعة فوجدوها خاوية إلا من الجرحى العاجزين عن الحركة؛ فذبحوهم على الفور، واكتفى شارل مارتل بانسحاب المسلمين، ولم يجرؤ على مطاردتهم، وعاد بجيشه إلى الشمال من حيث أتى.
تحليل المعركة
تضافرت عوامل كثيرة في هذه النتيجة المخزية، منها أن المسلمين قطعوا آلاف الأميال منذ خروجهم من الأندلس، وأنهكتهم الحروب المتصلة في فرنسا، وأرهقهم السير والحركة، وطوال هذا المسير لم يصلهم مدد يجدد حيوية الجيش ويعينه على مهمته، فالشقة بعيدة بينهم وبين مركز الخلافة في دمشق، فكانوا في سيرهم في نواحي فرنسا أقرب إلى قصص الأساطير منها إلى حوادث التاريخ، ولم تكن قرطبة عاصمة الأندلس يمكنها معاونة الجيش؛ لأن كثيرًا من العرب الفاتحين تفرقوا في نواحيها.
وتبالغ الروايات في قصة الغنائم وحرص المسلمين على حمايتها، فلم تكن الغنائم تشغلهم وهم الذين قطعوا هذه الفيافي لنشر الإسلام وإعلاء كلمته، ولم نألف في حروب المسلمين الحرص عليها وحملها معهم أينما ذهبوا، ولو كانوا حريصين عليها لحملوها معهم في أثناء انسحابهم في ظلمة الليل، في الوقت التي تذكر فيه الروايات أن الجيش الإسلامي ترك خيامه منصوبة والغنائم مطروحة في أماكنها.
نتائج المعركة
كثر الكلام حول هذه المعركة، وأحاطها المؤرخون الأوربيون باهتمام مبالغ، وجعلوها معركة فاصلة، ولا يخفى سر اهتمامهم بها؛ فمعظمهم يعدها إنقاذًا لأوروبا، فيقول "إدوارد جيبون" في كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية" عن هذه المعركة: "إنها أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدني والديني، وحفظت جلال روما، وشدت بأزر النصرانية".
ويقول السير "إدوارد كريزي": "إن النصر العظيم الذي ناله شارل مارتل على العرب سنة 732م وضع حدا حاسما لفتوح العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الإسلام".
ويرى فريق آخر من المؤرخين المعتدلين في هذا الانتصار نكبة كبيرة حلت بأوروبا، وحرمتها من المدنية والحضارة، فيقول "جوستاف لوبون" في كتابه المعروف "حضارة العرب"، الذي ترجمه "عادل زعيتر" إلى العربية في دقة وبلاغة:
"لو أن العرب استولوا على فرنسا، إذن لصارت باريس مثل قرطبة في إسبانيا، مركزا للحضارة والعلم؛ حيث كان رجل الشارع فيها يكتب ويقرأ بل ويقرض الشعر أحيانا، في الوقت الذي كان فيه ملوك أوروبا لا يعرفون كتابة أسمائهم".
وبعد معركة بلاط الشهداء لم تسنح للمسلمين فرصة أخرى لينفذوا إلى قلب أوربا، فقد أصيبوا بتفرقة الكلمة، واشتعال المنازعات، في الوقت الذي توحدت قوة النصارى، وبدأت ما يُسمّى بحركة الاسترداد والاستيلاء على ما في يد المسلمين في الأندلس من مدن وقواعد
.

الأربعاء، 12 سبتمبر 2007

. . دروس التراويح : دروس تراويح شهر رمضان لعام 1427هـ



الثلاثاء 26 سبتمبر 2006
أخي الكريم/ أختي الكريمة رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.كما تعودنا في كل عام من خلال موقع القرضاوي وفي هذا الشهر الفضيل نقل تسجيل دروس التراويح التي يلقيها القرضاوي في الليالي الرمضانية العامرة بالطاعة والعبادة، فإننا في هذا العام 1427هـ أيضا سننقل لكم تسجيلا لدروس التراويح التي يلقيها القرضاوي من مسجد الجامع الكبير في الدوحة قطر، وكما هو المعتاد ستستمعون في نهاية كل درس دعاء القرضاوي المؤثر الذي يختتم به ركعة الوتر وذلك إذا أم بالمصلين في الأربع ركعات الأخيرة من صلاة التراويح...

سلفية مزعومة عرفت من الإسلام قشوره ونسيت جذوره؟


وفي هذا الكتاب جرعة قد تكون مرة للفتيان الذين يتناولون كتب الأحاديث النبوية ثم يحسبون أنهم أحاطوا بالإسلام علما بعد قراءة عابرة أو عميقة.
ولعل فيه درسا لشيوخ يحاربون الفقه المذهبي لحساب سلفية مزعومة عرفت من الإسلام قشوره ونسيت جذوره؟.
وأوكد أولا وآخرا أنني مع القافلة الكبرى للإسلام، هذه القافلة التي يحدوها الخلفاء الراشدون والأئمة المتبوعون والعلماء الموثقون، خلفا بعد سلف، ولاحقا يدعو لسابق.. يدعو الله بصدق قائلا: «ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا. ربنا إنك رءوف رحيم»(2).

محمد الغزالي


وينظر المسلمون الى مسالك هؤلاء الفتية فينكرونها ويلعنونهم

...وقد كان علماء الأزهر القدامى أقدر الناس على علاج هذه الفتن، فهم يدرسون الإسلام دراسة تستوعب فكر السلف والخلف والأئمة الأربعة كما يدرسون ألوان التفسير والحديث وما تتضمن من أقوال وآراء..
لكن الأزهر من ثلاثين عاما أو تزيد ينحدر من الناحية العلمية والتوجيهية. ولذلك خلا الطريق لكل ناعق، وشرع أنصاف وأعشار المتعلمين يتصدرون القافلة ويثيرون الفتن بدل إطفائها.
وانتشر الفقه البدوي، والتصور الطفولي للعقائد والشرائع.
وقد حاولت في كتابي «دستور الوحدة الثقافية» أن أقف هذا الانحدار، بيد أن الأمر يحتاج الى جهود متضافرة وسياسة علمية محكمة...

يجيء دور التشريع في تحديد مسار الأمة العام، ومسالك الأفراد الخاصة، وعندنا في هذا من النصوص ما هو قطعي الثبوت والدلالة، وما هو ظني الثبوت والدلالة، وما هو قطعي الثبوت ظني الدلالة، وما هو ظني الثبوت قطعي الدلالة!.
واستفادة الأحكام من مصادرها لها علم خاص بها ولها رجال ثقات وعلى العامة أن تسمع وتطيع.
وقد رأيت في هذه الأيام من يسمى نفسه أمير جماعة، والجهد الذي يتصبب له عرقا وهو يقوم به، هو إشاعة النقاب بين النساء، أو إشاعة الجلباب بين الرجال، أو تحريم الذهب على النساء والرجال جميعا، أو ترك شعر اللحية ينمو فلا يؤخذ منه شيء حتى لقاء الله!!!.
أهذه غايات تتكون لها جماعات؟ والغريب أن الأحاديث الواهية والخلافات الفرعية لها حظوظ متناقضة أو طوالع سعد ونحس!! فلست تدري لماذا ع!شت هذه؟ ولماذا ماتت تلك..؟.
في مصر تحتفل العامة بلية النصف من شعبان وليست لهذه الليلة القيمة التي تعطيها هذا الشأن الرفيع، وفي حديث مع أحد الأخوة من علماء الخليج قال: إن للأحاديث الموضوعة والواهية سوقا رائجة عندكم! قلت: للأسف وعندكم كذلك!.
قال: نحن نتحرى الأحاديث التي نصدر وفقها أحكامنا! فضحكت وأنا أرد عليه بإجابة سريعة:
أظن الأحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء!.
أجاب مستنكرا: هذا غير صحيح! إن تحريم الغناء وآلاته ثابت في السنة النبوية...
قلت له: تعال نقرأ سويا ما قاله ابن حزم في ذلك الموضوع، ثم انظر ما تفعل...
قال ابن حزم: «وبيع الشطرنج والمزامير والعيدان والمعازف والطنابير حلال كله ومن كسر شيئا من ذلك ضمنه، إلا أن يكون صورة مصورة ـ تمثالا مجسما ـ فلا ضمان على كاسرها، وتضمين المعتدي على هذه الأشياء واجب، لأنها مال من مال مالكها».
قال: «وكذلك يجوز بيع المغنيات ـ من الجواري ـ وابتياعهن! وأساس الجواز في كل ما ذكرنا قوله تعالى: «خلق لكم ما في الأرض جميعا»(44) وقوله: «وأحل الله البيع»(45)، وقوله: «وقد فصل لكم ما حرم عليكم»(46) ـ يعني أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأنه لا تحريم إلا بنص، وقد فصل الله ما حرم في كتابه وعلى لسان نبيه، ولم يأت نص بتحريم شيء مما ذكره من البيوع السابقة» ثم ذكر ابن حزم أن أبا حنيفة يوجب الضمان على من كسر شيئا من آلات اللهو التي سماها آنفا!
قال: «واحتج المانعون بآثار لا تصح، أو يصح بعضها ولا حجة لهم فيها.. منها عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «إن الله حرم المغنية وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها» قال ابن حزم وهو يناقش سند هذا الحديث: «فيه من الرواة» ليث وهو ضعيف، وسعيد بن أبي رزين، وهو مجهول لا يدري من هو؟ عن أخيه؟ وما أدراك ما عن أخيه! هو ما يعرف وقد سمى فكيف أخوه الذي لم يسم؟.
وعن علي بن أبي طالب قال رسول الله: إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء...
منهن «واتخذوا القينات والمعازف، فليتوقعوا عند ذلك ريحا حمراء ومسخا وخسفا».
قال ابن حزم في رواة هذا الحديث: لاحق بن الحسين وضرار بن علي والمحمصي مجهولون. وفرج ابن فضالة متروك...
وعن معاوية قال: «نهى رسول الله عن تسع، وأنا أنهاكم عنهن الآن، فذكر فيهن الغناء والنوح» قال ابن حزم: في رواته محمد بن المهاجر ضعيف، وكيسان مجهول!.
وروى أبو داود بسنده عن شيخ(!) عن ابن مسعود يقول: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «إن الغناء ينبت النفاق في القلب»!.
يقول ابن حزم: الرواية عن شيخ عجب جدا! من هذا الشيخ؟.
وعن أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يضرب على رؤوسهم بالمعازف، والقينات يخسف الله بهم الأرض».
قال ابن حزم وهو يناقش السند: معاوية بن صالح ضعيف، وليس فيه أن الوعيد المذكور إنما هو على المعازف، كما أنه ليس على اتخاذ القينات، والظاهر أنه على استحلالهم الخمر، والديانة لا تؤخذ بالظن.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: «من جلس الى قينة فسمع منها صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة» والآنك هو الرصاص المذاب.
قال ابن حزم: هذا حديث موضوع فضيحة، ما عرف قط عن طريق أنس!!.
وعن مكحول عن عائشة قالت: قال رسول الله: «من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلوا عليه»..
قال ابن حزم: مكحول لم يلق عائشة، وهاشم وعمر الراويان مجاهيل!


...
كنت مع رفقة طيبة نتغدى في فندق محافظ بحي «الهرم» ووصل الى أسماعنا صوت جذب انتباهي، وألقيت إليه زمامي، كأنه صوت ناصح حزين يقاوم المجون والاسترخاء..
وأخذت أتبين الألفاظ التي تصدر من مسجل موضوع بإحدى الزوايا، فإذا هي للبوصيري أو بتعبير أدق تشطير لأبيات من البردة، كان البوصيري والشاعر الآخر يدوران فيها حول البيت المشهور في وصف الرسول الكريم

كأنه ـ وهو فرد ـ من جلالته في عسكر حين تلقاه وهو حشم!
لم تكن هناك ألحان مصاحبة تثير المشاعر، كان صوت المبتهل الشادي مزيحا من إيمان وحب جعلاني أطوي العصور
القهقهري، وأمثل في حضرة صاحب الرسالة، وهو في مجلسه الروحي يوجه ويربي، ويخلق الجيل الذي سينشئ حضارة أرقى وأتقى، ويلقي بذور الإنسانية الجديدة التي ستنقذ العالم من جبروت الرومان والفرس...
كان فردا يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد ولكن الأشعة المنبثقة من أركانه تجعل الأبصار تنحسر عنه، وتعجل الأباطرة والقياصرة يجثون عند قدميه..!
إن الغناء الرقيق المتواضع الذي سمعته لا يزال يؤثر في نفسي كلما استحضرت جرسه، بعد ما صار ذكرى..
قال الإمام الشاطبي في الجزء الأول من كتابه «الاعتصام»: إن قوما أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين إن لنا إماما إذا فرغ من صلاته تغنى!!.
فقال عمر: من هو؟ فذكروا له الرجل، فقال: قوموا بنا إليه، فإنا إن وجهنا إليه ـ من يحضره ـ يظننا تجسسنا عليه أمره.
وقام عمر مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أتوا الرجل وهو في المسجد، فلما نظر الى عمر قام إليه واستقبله قائلا: يا أمير المؤمنين ما حاجتك؟ وما جاء بك؟.
إذا كانت الحاجة لنا كنا أحق بذلك منك أن نأتيك، وإن كانت الحاجة لك فأحق من عظمناه خليفة رسول الله!. فقال له عمر ويحك بلغني عنك أمر ساءني! فقال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: أتتمجن في عبادتك ـ من المجانة والاتضاع ـ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، لكنها عظة أعظ بها نفسي!.
قال عمر: قلها، فإن كانت كلاما حسنا، قلته معك، وإن كان قبيحا نهيتك عنه... فأنشد الرجل هذه الأبيات:
وفؤاد كلما عاتبته في مدى الهجران يبغي تعبي!
لا أراه الدهر إلا لاهيا في تماديه، فقد برح بي
يا قرين السوء ما هذا الصبا؟ فنى العمر كذا في اللعب!
وشبابي بان عني فمضى قبل أن أقضي مني أربي
ما أرجى بعده إلا الفنا ضيق الشيب علي مطلبي

ويح نفسي لا أراها أبدا في جميل، لا ولا في أدب
نفسي لا كنت ولا كان الهوى راقبي المولى، وخافي، وارهبي


فقال عمر رضي الله عنه مرددا البيت الأخير:


نفسي لا كنت، ولا كان الهوى راقبي المولى وخافي، وارهبي!
ثم قال عمر: على هذا فليغن من غنى...!.
أول: ولنا في أمير المؤمنين أسوة حسن! كل إنشاد يبعث على السمو والجد والاستقامة فهو غناء حسن، وما أحسب أحد يرى نفسه أتقى لله

من عمر! أو يتنزه مما أقره ودعا إليه.
وعندما اسمع قول شوقي
ويا رب هل تغني عن العبد حجة؟ وفي العمر ما فيه من الهفوات!
أتذكر فضل الله في جعل الحج توبة كاملة! لكن صوت المغنية الضارعة يحرك أشجان الأخطاء القديمة، كما يحرك الآمال في عفو اله، وهذا كله لون من العبودية المطلوبة لله سبحانه.
وكما ينشد المرء الخلاص من ماض مرهق.. ينطلق الشعر والغناء الى استنقاذ الأمة الإسلامية من حاضر مؤسف، مع مناجاة صادقة لرسول عليه الصلاة والسلام..
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات

بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات؟

الجمعة، 7 سبتمبر 2007

من ميراث الشيخ محمد الغزالي رحمه اللّه


من ميراث الشيخ محمد الغزالي رحمه اللّه


وحدة الأمة الاسلامية و فريضة التقريب بين المذاهب



أهمية البناء الروحى لإقامة المجتمع


نظرات فى سورة يس للشيخ محمد الغزالى




مع الرسول صلى الله عليه وسلم
مسار الفكر الدينى فى تراثنا
تفسير آية الله نور السماوات و الأرض

الخميس، 6 سبتمبر 2007

بقرار من لجنة حقوق الإنسان الأمميةلا تعويض للأقدام السوداء في الجزائر


تعود أطوار هذه القضية، التي تحصلت ''الخبر'' على نسخة من القرار الصادر بشأنها عن لجنة حقوق الإنسان الأممية، إلى سنة 1962، حيث أن المدعو أرمون انتون، المولود في 18 نوفمبر 1909 بوهران قبل أن يغادرها بتاريخ 14 جويلية 1962 غداة الاستقلال، تاركا وراءه ممتلكاته، المتمثلة في عقارات ومنقولات، استنجد بالسلطات الفرنسية لاستعادة ممتلكاته في الجزائر والحصول على تعويضات مالية·وبتاريخ 24 نوفمبر 2004 تقدم المعني إلى لجنة حقوق الإنسان الأممية، دون مباشرة طرق الطعن الداخلية لإدعائه بعدم جدواها، مع العلم أن هذه الأخيرة تشكل أحد الإجراءات التي تسبق اللجوء إلى اللجنة، وذلك وفقا لما تنص عليه أحكام البروتوكول الاختياري الأول المتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية·بعد إحالة لجنة حقوق الإنسان ملف الشكوى على السلطات الجزائرية المختصة قصد الرد عليها، قامت وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية بإعداد ثم إرسال مذكرة جوابية حول الإدعاءات المثارة من طرف الرعية الفرنسية الذي أسسها على خرق الجزائر لأحكام العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر بتاريخ 16 ماي 1989 لا سيما مواده 1، 12، 17، 27، 2 الفقرة 1 و26 منه·وبعد مداولة أعضاء اللجنة حول محتوى ملفي أطراف الخصومة، تقرر عدم قبول الشكوى المقدمة من طرف السيد أرمون أنتون ضد الجمهورية الجزائرية بـ14 صوتا من مجموع 15، مستندين إلى كل من مذكرة السلطات الجزائرية الجوابية، وكذا أحكام المادتين 1 و93 الفقرة 3 من النظام الداخلي للجنة، التي قضت بأن الأفعال المنسوبة للجمهورية الجزائرية بنفي المدعي والاستيلاء على ممتلكاته، قد وقعت سنة 1962، أي قبل انضمام الجزائر للعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ودخوله حيز النفاذ بالنسبة إليها· وليست هي المرة الأولى التي تقدم فيها شكوى في هذا الإطار، بل أن الهيئات التي تنشط من أجل الدفاع عن مصالح الأقدام السوداء قدمت 600 ملف للجنة الأممية المعنية، بهدف إرغام الجزائر على دفع تعويضات عن ممتلكاتهم المتروكة بها بعد الاستقلال، لكن الأمر تم حسمه بالقرار الصادر في أول نوفمبر 2006 باعتباره يشكل سابقة سوف تطبق على كل الحالات المماثلة بوصفه اجتهادا قضائيا جديدا·في نفس الإطار يطالب نحو 120 ألف يهودي كانوا غادروا الجزائر بعد الاستقلال، السلطات الجزائرية بتعويضهم عن الممتلكات التي تركوها وراءهم، والتي قدّروها بنحو 144 مليون دولار، وهذا ما نجده في البيان الذي نشره من يطلقون على أنفسهم وصف ''يهود الجزائر'' في موقعهم على شبكة الأنترنت، ''زلابية كوم''، حيث دعوا السلطات الجزائرية إلى تعويضهم بسبب ما لحق بهم جراء مغادرتهم الجزائر مع قوافل المستعمرين خوفا من ثأر الجزائريين· ويهدد ''يهود الجزائر'' باللجوء إلى استعمال الضغط الدولي على الحكومة الجزائرية للاعتراف بحقهم، مشيرين إلى مساعي الكنيست الإسرائيلي في حمل الدول العربية على تعويض اليهود العرب·كما طالبوا بإعادة الاعتبار لأكثر من 120 ألف يهودي كانوا يعيشون بين 1830 إلى 1962، على الرغم من أن الرئيس الأسبق، أحمد بن بلة، خيّرهم أثناء فترة حكمه بين البقاء في الجزائر أو الرحيل، إلا أنهم فضلوا المغادرة خوفا من (انتقام الجزائريين) على اعتبار أنهم صوتوا بـ''لا'' خلال استفتاء 02 جويلية 1962 لتحديد مصير الجزائر· وشهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة موجة من الزيارات التي يقوم بها فرنسيون كانوا يعيشون في الجزائر قدّر عددهم بـ45 ألف شخص خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2006، وعادة ما يصطحبون معهم بعض اليهود الذين يحاولون تقييم الوضع الداخلي، ويقومون بزيارة بعض المناطق التي كان يتواجد فيها اليهود، مثلما حدث بولاية تلمسان خلال العام الماضي، حيث زار عدد من اليهود الفرنسيين المولودين في تلمسان موطنهم الأصلي·

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2007

قانون الشعائر الدينية : محاكمة خمسة جزائريين بتهمة التبشير

السلطات تشرع في تطبيق قانون الشعائر الدينية
محاكمة خمسة جزائريين بتهمة التبشير

شرعت السلطات العمومية في تطبيق القانون المتعلق بممارسة الشعائر الدينية في الجزائر، من خلال بمحاكمة خمسة أشخاص اتهموا بنشر المسيحية من قبل محكمة تيزي وزو· وهو ما اعتبره عدد من معتنقي الديانة المسيحية مساسا بحرية المعتقد التي يقرها الدستور· مؤكدين بأن بعض المتابعين قضائيا في هذا الإطار من اصطناع الشرطة، أي أن أعوان الأمن الذين أوقفوا بعض معتنقي الديانة المسيحية دبروا الجريمة للأشخاص المعنيين·
وفي اتصالنا بأحد الأشخاص المعتنقين للديانة المسيحية، والذي رفض كشف اسمه بسبب المتاعب التي قد يلقاها، أكد لنا بأن عون أمن قام بتوقيف أحد معتنقي المسيحية، وطلب منه أن يزوده بمعلومات عن المسيحية فلم يبخل عنه بذلك، إلى أن طلب منه تزويده بكتاب ''الإنجيل''، فلما أحضره له قام عون الأمن بتوقيفه بتهمة نشر المسيحية وبدعوى ''إلقاء القبض عليه في حالة تلبس''· وهو ما يعتبر جريمة في حد ذاتها، إذ أن عون الأمن، حسب محدثنا، قام بتدبير الجريمة·
وأضاف محدثنا أن المسيحيين يتعرضون لمضايقات كبيرة، بالرغم من أنهم يمارسون شعائرهم الدينية في إطارها الرسمي، وضمن الجمعية الدينية التي ينتمون إليها والتي تقرها قوانين ممارسة الشعائر الدينية·
وليست المرة الأولى التي يتم فيها تطبيق قانون ممارسة الشعائر الدينية، حسب ما أكدته مصادرنا، إذ أن سلطات ولاية تيزي وزو قامت، خلال شهر جويلية من السنة الماضية، بتوقيف نشاط مجموعة من الفرنسيين كانوا ينوون تنظيم ندوة حول ''المسيحية الإنجيلية'' بالمدينة الجديدة بتيزي وزو· وهو النشاط الذي كان مبرمجا في فيلا اشتراها الراهب الفرنسي ''فيليب مارتيناز'' بداية سنة .2000 وقد دخل منظمو هذا اللقاء التراب الجزائري كسياح، غير أنهم حاولوا استغلال وجودهم للقيام بنشاطات تبشيرية، إذ أن مواطنين تلقوا استدعاءات مع ضرورة تقديمهم مبلغ 200 دينار لكل واحد منهم مقابل مشاركتهم في هذا اللقاء· وقد تدخلت مصالح الأمن لمنعه·
ويحظر القانون ممارسة أي ديانة ما عدا الإسلام خارج المباني المخصصة لها، ويُربط تخصيص المباني لممارسة الديانة بترخيص مسبق·
وفي المقابل قامت وزارة الشؤون الدينية بحملة لمواجهة الظاهرة بالاستعانة بدعاة إسلاميين ومفكرين من المشرق العربي، مثل الشيخ سعيد رمضان البوطي والمفكر المصري عبد الحليم عويس ويوسف القرضاوي، الذين زاروا الجزائر خاصة مدينة تيزي وزو·
كما تبنت السلطات مؤسسات تابعة لها وجمعيات ومنظمات دينية وخيرية للاتصال بكل الدعاة والأئمة والمفكرين ممن يمكن أن يتركوا أثـرا في العديد من سكان منطقة القبائل، الذين كشفت تقارير وزارة الشؤون الدينية أن لديهم ميلا للتجاوب مع المبشرين·