لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الخميس، 21 يونيو 2007

رشيد بوجدرة في حوار مثير لـ''الخبر'' 'الإسلاميون ظلموني·· والشيخ نحناح دافع عني


''الإسلاميون ظلموني·· والشيخ نحناح دافع عني''
سافرت إلى أمريكا مؤخرا، وحاضرت في أكبر جامعاتها، كيف وجدت المجتمع الأمريكي؟
وجدت المجتمع الأمريكي متفجرا، فالأغلبية الساحقة من الشعب ضد سياسة جورج بوش، وقد زرت أمريكا من شرقها إلى غربها وصولا إلى الجنوب إلى تكساس وأطلنطا، وحاضرت في أكبر الجامعات الأمريكية العشر، ولمست تعاطفا من المثقفين الأمريكيين مع القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية·وكيف كانت جولتك في الجامعات الأمريكية؟ حاضرت خلال جولتي الأمريكية حول وليام فولكنر والأثر الذي تركه في الرواية المغاربية، لكن النقاشات كانت تتحول في كل مرة إلى الحديث عن الحضارة العربية الإسلامية· وما أثار انتباهي هذه المرة وأنا أزور أمريكا بعد خمس سنوات، هو الفقر المنتشر في كل مكان، حتى في نيويورك التي أعرفها جيدا· فقد سبق لي أن درست هناك· بدا لي الفقر منتشرا في كل مكان، طبعا أنا لست من الذين تبهرهم أمريكا، لكن جامعاتها نعم، وجدت خلال أربع عشرة محاضرة ألقيتها هناك أن المثقفين الأمريكيين يهتمون كثيرا بحرب التحرير الجزائرية من خلال قراءتهم لرواية ''التفكك'' التي كتبتها سنة .1982عدت في روايتك الأخيرة ''نزل سان جورج'' لموضوع حرب التحرير، ما هي دوافعك لذلك؟إن الموضوع في أعمالي الروائية لا يتعدى كونه تعلة· وهذه الرواية واقعية تماما، فقد التقيت منذ سنوات بمواطنة فرنسية منحت لي مذكرات والدها متكونة من مائة صفحة، قرأتها ومنها انطلقت لكتابة الرواية· ويتعلق الأمر هنا بعودة لموضوع حرب التحرير لكن من زاوية مغايرة· فقد تناولت نفس الموضوع في رواية ''التفكك'' وتطرقت لموضوع الثورة لكن من الداخل، ومن منظور الحزب الشيوعي الجزائري، فأظهرت سلبيات الثورة·


هو نقد لمواقف الحزب الشيوعي من الثورة، أليس كذلك؟
يمكن اعتبار رواية ''التفكك'' كرواية النقد الذاتي بالنسبة للحزب الشيوعي أثناء حرب التحرير، من منطلق تجربتي الشخصية، فقد شاركت في الثورة وأعرف جيدا صيرورتها· أما في رواية ''نزل سان جورج'' فالأمر يختلف، وقد تناولت موضوع الثورة لكن من زاوية مختلفة ومغايرة تماما· وبعد أن كنت أعتقد أنني انتهيت من هذا الموضوع عدت إليه ثانية بعد لقائي بهذه المواطنة الفرنسية التي قدمت لي مذكرات والدها الذي شارك كجندي في حرب الجزائر، وكانت النظرة هذه المرة من زاوية الآخر الذي عاش بدوره هذه الحرب كمأساة إنسانية حقيقية· أنا روائي الشرط الإنساني كما تعلمون، وكل أعمالي تتناول موضوع الإنسان والتراجيديا· إن رواية ''نزل سان جورج'' ليست رواية حرب، بل رواية عن الإنسان في خضم الحرب· وأعتقد أن قوة الرواية الحديثة والمحدثة بالنسبة لي تكمن في إحداث القطيعة مع الرواية الكلاسيكية التي استغلها الروائيون العرب، نجيب محفوظ مثلا روائي كلاسيكي قدم أشياء كثيرة للرواية العربية، لكنه بقي على كلاسيكيته، فلم يقدم أي إضافات على مستوى الكتابة الروائية·


ومن هو حسب اعتقادك الذي قدم الإضافات الكافية؟
الوحيد الذي قدم إضافات بارزة هو طه حسين· لقد نسينا طه حسين وجعلنا اهتمامنا ينصب على نجيب محفوظ، إن طه حسين يملك لغة قوية، لغته قرآنية، أما نجيب محفوظ فهو كاتب يقرأ في سن الخامسة عشرة، فينسى، وأعماله تشبه المسلسلات المصرية التي تبث على الساعة السابعة·· صحيح أن نجيب محفوظ تحدث عن حياة الناس في الأحياء الشعبية، لكن الرواية أكثر من هذا·


لكنه تحصل على جائزة نوبل للآداب؟
جائزة نوبل للآداب لم تعد مقياسا، وهي ليست جائزة أدبية بقدر ما هي جائزة سياسية، بدليل أن ستة روائيين إسرائيليين تحصلوا عليها· ونجيب محفوظ تحصل عليها نظير مساندته لاتفاقيات كمب دايفيد· وبالمناسبة تم ترشيحي مرة أخرى هذا العام للحصول على جائزة نوبل، لكنني أعرف أنني لن أتحصل عليها بسبب مواقفي السياسية، وحتى إن منحت لي فإنني لن أقبلها·يلاحظ أنك لم تتحصل على أي جائزة أدبية في فرنسا، لماذا؟الجوائز الفرنسية لم أتحصل عليها يوما بسبب مواقفي السياسية تجاه الاستعمار الفرنسي، أنا محاصر في فرنسا منذ أن نشرت رواية ''التطليق''· لكن أين هو الروائي الجزائري الذي تحصل على جائزة أدبية معتبرة، ما عدا آسيا جبار، وأنا اعرف لماذا تحصّلت عليها· محمد ديب لم يتحصّل على أي جائزة لأنه لم يتنازل يوما عن وطنيته·


يشاع أن دور النشر الفرنسية تدفع الكتاب الجزائريين لتقديم تنازلات في نصوصهم، هل تؤكد هذا؟
نعم··، وأؤكد ذلك· فقد أرادت منشورات غراسي أن تغير بعض المقاطع الواردة في روايتي الأخيرة ''نزل سان جورج'' والمتعلقة بقضية الاستعمار، لكنني رفضت· وحاولوا قبل هذا لما صدرت رواية ''الرعن'' حيث تطرقت لجرائم الإبادة التي ارتكبها الجيش الفرنسي أثناء عملية الغزو وبالضبط ما تعلق بإبادة قبائل بكاملها خنقا داخل المغارات، طلبوا مني أن أحذف فصولا كاملة لكنني رفضت·كيف ينظر رشيد بوجدرة للفضاء الأدبي الجزائري حاليا؟أعتقد أن الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية أحسن من مثيلتها المكتوبة باللغة الفرنسية· صحيح أن الروائي مصطفى بن فوضيل الذي يكتب باللغة الفرنسية يشكل طفرة نوعية، لكن بصفة عامة الرواية العربية أحسن بكثير، والشعر المكتوب بالعربية بدوره يوجد في صحة جيدة· وأعتقد أن هناك جيلا بدأ في طريق تكوين نفسه بجد، وهو سائر نحو أخذ مكاننا· صحيح انه يوجد كم هائل من الأعمال الأدبية اليوم، ونحن في انتظار الكيف· وهناك للأسف أسماء أبزرت وأظهرت نفسها بكل الوسائل وبطريقتها الخاصة، لكنها بدأت تفشل، منها كاتب كان يأتيني كل عام برواية جديدة، أقرأها فأجده يكرر نفسه· وهناك كذلك ظاهرة سلبية وهي لجوء بعض الروائيين من الجيل الجديد إلى نشر أعمالهم بأنفسهم دون المرور بلجان القراءة، فانتشرت في الساحة أعمال رديئة جدا·


هل يعتقد بوجدرة أنه ظلم من طرف الإسلاميين؟
صحيح، أنا شيوعي، لكنني لم أظلم الشعب يوما· بل دافعت عن الإسلاميين ووقفت إلى جانبهم، لكنهم أرادوا قتلي، فحاربتهم بقلمي، وأعترف اليوم ولأول مرة أن الوحيد الذي وقف إلى جانبي وساندني في محنتي لما كانت أصابع الاتهام قد وجهت إليّ من قبل الإسلاميين وأهدر دمي هو الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله· لقد اتصل بي ذات مرة وقال لي لي ''لك دين عندنا، لأنك دافعت عن الحضارة العربية الإسلامية''، ودعاني نحناح لتناول الكسكسي معه مرات كثيرة· لقد كان رجلا صاحب مواقف كبيرة، رحمه الله·

السبت، 9 يونيو 2007

النفوذ اليهودي في فرنسا

تنظيم اليهود الفرنسيين
علاقة يهود فرنسا بإسرائيل
برز النفوذ اليهودي في فرنسا خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة من خلال التأييد الكبير الذي لقيه من اليهود الفرنسيين مرشح
اليمين الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تبين أنه من أم يهودية وأن زوجته هي الأخرى يهودية.
ولهذا فقد توقع المراقبون حدوث تغيير في الموقف الفرنسي من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية بسبب الدور الذي من المكن أن يلعبه اللوبي اليهودي الفرنسي في السياسة الخارجية الفرنسية، علما بأن عددهم لا يتجاوز حاليا 700 ألف يهودي، بالمقارنة مع عدد العرب والمسلمين الذين يتجاوزون ستة ملايين من أصل ستين مليون فرنسي، ولكن اليهود هم الأكثر تنظيما ونفوذا بين الطوائف والأقليات في فرنسا.
وعند استعراض تطور وجود اليهود في فرنسا، نجد أن عددهم لم يتجاوز عند قيام الثورة الفرنسية في عام 1789 أربعين ألف يهودي، من أصل 26 مليون فرنسي. وفي عام 1810، أي بعد الثورة الفرنسية التي منحتهم حقوقاً متساوية مع بقية الفرنسيين ارتفع عددهم إلى 46583 يهوديا.
وحسب إحصائية صدرت من الجالية اليهودية، فإن 115 ألف يهودي قد جاؤوا إلى فرنسا، بين عام 1880 و1939، إذ وصل 30 ألف يهودي بين 1881-1914، و85 ألفا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، فأصبح عددهم في عام 1939 270 ألف يهودي.
"نابليون كان أول من فكر عمليا في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعا في مساعدة اليهود له في حملته لغزو الشرق"إلا أن هذا الرقم انخفض بعد الحرب العالمية الثانية إلى 150 ألفا، ثم عاد وارتفع بين 1954-1961 بسبب وصول مائة ألف يهودي من مصر وتونس والمغرب.
وبعد توقيع اتفاقية أيفيان بين فرنسا والجزائر في مارس عام 1962، وصل 20 ألف يهودي من الجزائر. وأصبح عدد اليهود في فرنسا حاليا، في المقام الرابع بعد الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا، وأعلى نسبة في أوروبا الغربية. إذ يوجد الآن نحو سبعمائة ألف يهودي في فرنسا من أصل 15 مليون يهودي في العالم.
ويوجد نصف اليهود الفرنسيين في العاصمة الفرنسية، إذ يعيش فيها من اليهود أكثر مما يعيش في القدس.
النفوذ اليهودي في فرنسايعود بداية ظهور النفوذ اليهودي في فرنسا إلى الثورة الفرنسية، إذ أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1791، قانوناً لتحرير اليهود الفرنسيين ومنحهم حقوقاً مساوية لغيرهم كمواطنين، وألغيت القوانين المقيدة لحرياتهم ونشاطاتهم.
وكان نابليون أول من فكر عملياً في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعاً في مساعدتهم له في حملته لغزو الشرق.
كما طلب من اليهود الفرنسيين أن يعقدوا أول مجمع لحكمائهم في "سان هدريان" لكي يقرروا إنشاء دولة يهودية تصبح تابعة للنفوذ الفرنسي، حتى يسيطر على الطريق الإستراتيجي لتجارة الشرق مع الغرب، وطمعاً في تحطيم النفوذ البريطاني في الشرق.
إلا أن هذه الفكرة لم تنجح، بسبب فشل نابليون في حملته على سوريا وفلسطين.
وظهر النفوذ اليهودي في قضية الضابط اليهودي دريفوس الذي اتهم بنقل أسرار عسكرية إلى السفارة الألمانية في باريس. وصدر الحكم على هذا الضابط في 22 ديسمبر/كانون الأول من عام 1894، بتجريده من رتبته العسكرية، وطرده من الخدمة، وسجنه مدى الحياة في جزيرة الشيطان.
وأثار أمر هذا الضابط الرأي العام الفرنسي الذي اعتبره خائناً في حق الوطن، وشغل الصحافة والمسؤولين، وسقطت وزارات عدة بسببه، كما انتحر العديد من المسؤولين آنذاك.
ولعب اليهود الفرنسيون دوراً كبيراً في تصعيد الأزمات التي أثارتها القضية في الحياة السياسية في فرنسا. كما استغلها زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل الذي كان مقيماً في باريس في ذلك الوقت، لإثارة المشاعر في فرنسا وأوروبا لدى اليهود لأنهم عللوا أسباب القضية بمعاداة السامية عند بعض المسؤولين.
وأثار الروائي الفرنسي المعروف إميل زولا قضية دريفوس في كتاباته حين هاجم المعادين للسامية في فرنسا.
وخضعت الحكومة الفرنسية للضجة التي أثارها اليهود وأصدقاؤهم، وجيء بالضابط من منفاه، وأعيدت محاكمته، وصدر قرار ببراءته من التهم الموجهة إليه، ومنح وسام الشرف، كما أعيد للخدمة في الجيش من جديد.
واعتبرت قضية دريفوس مثالاً على النفوذ اليهودي في فرنسا الذي بدأ يقوى ويشتد، والذي استطاع تحويل قضية ضابط اتهم بالخيانة إلى ضابط حكم عليه بالبراءة ومنح وسام الشرف.
واستغل اليهود الفرنسيون القضية بعد ذلك بسنوات، من أجل أن توافق الحكومة الفرنسية على خططها في إقامة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين. واستطاعوا إقناعها بإصدار وعد كامبو، الذي اعتبر اعترافاً رسمياً من قبل فرنسا بالحركة الصهيونية يشبه وعد بلفور.
وصدر الوعد بعد لقاءات عدة تمت بين سوكولوف -وهو أحد زعماء الحركة الصهيونية وممثلها في باريس- ورئيس الوزراء الفرنسي ريبو والسكرتير العام لوزارة الخارجية جول كامبو.
وطالب سوكولوف أن تصدر الحكومة الفرنسية بياناً كتابياً تعبر فيه عن عطفها على أهداف الحركة الصهيونية فيما يختص بقيام دولة يهودية في فلسطين. واستجابت الحكومة الفرنسية ونشرت في الرابع من يونيو/حزيران 1917، إعلانا صريحا عبرت فيه عن عطفها على المخطط الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التي نفي منها "شعب إسرائيل".
وخضعت منذ ذلك الوقت معظم الحكومات الفرنسية للابتزاز اليهودي، خوفا من اتهامها باللاسامية.
تنظيم اليهود الفرنسيينتمتاز الطائفة اليهودية في فرنسا عن الجالية العربية والإسلامية بأنها الأكثر تنظيماً وتجاوباً مع التنظيمات المتعددة التي ترتبط بعضها مع البعض الآخر.
والتنظيمات اليهودية موجودة على جميع الأصعدة، الثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والقانونية والطلابية، وحيثما يوجد تجمع يهودي فهناك تنظيم أو اتحاد يربط بعضهم ببعض.
وتوجد مائة جمعية واتحاد وتنظيم يهودي وصهيوني في باريس وحدها إلى جانب وجود مكاتب لمختلف الأحزاب السياسية الموجودة في إسرائيل.
ومن أشهر هذه المنظمات "الحركة الصهيونية في فرنسا"، و"مجلس المثقفين اليهود من أجل إسرائيل في فرنسا". ودخلت العديد من المنظمات اليهودية في تنظيم موحد منذ عام 1977 تحت اسم "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا Le Conseil Representatif des Institutions Juives de France (CRIF)" الذي يرأسه آلان روتشيلد.
"اليهود الفرنسيون رغم مساواتهم في الحقوق مع سائر المواطنين الفرنسيين لم يندمجوا اندماجاً كاملاً في المجتمع الفرنسي، واستمروا في التقوقع حتى لا تذوب الشخصية اليهودية داخل المجتمع الفرنسي"وبالرغم من النفوذ اليهودي القوي في فرنسا، والمتداخل في مجالات عدة فإنه أقل من النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى عدد اليهود في كل بلد.
إلا أنه من الملاحظ أن النفوذ اليهودي في فرنسا هو أكبر نفوذ يهودي في أوروبا. وهذا النفوذ قديم ومرتبط بالحياة اليهودية في المجتمع الفرنسي، وقد ازداد بعد قيام إسرائيل ومشاركتها في العدوان الثلاثي مع فرنسا وبريطانيا على مصر.
ومع ذلك فإن اليهود الفرنسيين بالرغم من مساواتهم في الحقوق مع سائر المواطنين الفرنسيين لم يندمجوا اندماجاً كاملاً في المجتمع الفرنسي. واستمروا في التقوقع حتى لا تذوب الشخصية اليهودية داخل المجتمع الفرنسي.
وشدد بن غوريون على هذه القضية وقال "إن الاندماج في المجتمعات التي يعيش فيها اليهود هو أكبر خطر يهدد اليهودية اليوم".
وبالنسبة للقضية الفلسطينية فإن النفوذ اليهودي الموجود في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، أمر واضح في فرنسا.
واعترف الجنرال ديغول بعد حرب 1967 بهذا النفوذ المسيطر على وسائل الإعلام الفرنسية، مما جعل اليهود يتهمونه بمعاداة السامية.
كما أن نفوذهم يبدو واضحاً أيضاً عند السياسيين الفرنسيين ذوي المصالح الاقتصادية المرتبطة بمصالح اليهود، وكذلك داخل المؤسسات الاقتصادية والبنوك.
كل ذلك يعطي اليهود الفرنسيين القوة في انتقاد مواقف حكومتهم من الصراع العربي الإسرائيلي. حيث أن المنظمات اليهودية تنتقد وتحتج باستمرار على السياسة الخارجية لفرنسا منذ عام 1967 إلى هذا الوقت.
ولكن هذا لا يعني أن غالبية اليهود الفرنسيين يقفون مع إسرائيل ضد مواقف حكومتهم من القضية الفلسطينية. فهناك نسبة لا يستهان بها من اليهود الفرنسيين الملتزمين بمواقف أحزابهم السياسية المنتقدة لإسرائيل.
الوضع السياسي لليهوديمكن توزيع اليهود في فرنسا على أساس أنهم موجودون في غالبية التيارات السياسية الفرنسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بل إن بعضهم تزعم حركات وأحزاب سياسية عدة مثل: آلان كريفين، زعيم أحد التنظيمات الماوية.
وكان لبعض العناصر من اليهود دور كبير في الحياة السياسية في فرنسا كرئاسة بعضهم الحكومة الفرنسية مرات عدة أمثال ليون بلوم ومنديس فرانس، من الحزب الاشتراكي، وميشال دوبريه، وليو هامون من الديغوليين، أو في وجودهم الملحوظ في قيادات النقابات العمالية والطلابية.
وجدير بالذكر أن ثورة الطلاب الفرنسية في مايو/أيار 1968، كانت تتزعمها عناصر يهودية يسارية أمثال كريفين وكوهين، إلا أن نسبتهم قليلة بالنسبة للناخبين الفرنسيين إذا ما قورنوا بالولايات المتحدة، حيث تبلغ نسبتهم في فرنسا نحو 1.38%، بينما يمثلون في الولايات المتحدة 3%.
وهذه النسبة ترتفع في باريس لتصل في بعض الدوائر الانتخابية إلى 15.17%. وفي النهاية يبقى النفوذ اليهودي في فرنسا هو ثاني أكبر نفوذ يهودي في العالم بعد الولايات المتحدة، إذا استثنيت إسرائيل.
وحدث أن هاجمت المنظمات الصهيونية الفرنسية، بعض التجار اليهود في باريس لأنهم رفضوا التبرع لإسرائيل، كما هاجموا اليهود المعادين للصهيونية كمكسيم رودنسون.
ويلاحظ أن تأييد اليهود الفرنسيين لإسرائيل يفوق حماسهم لفرنسا، ومثال ذلك الكاتب الفرنسي ريمون آرون الذي كتب مقالة في لوفيغارو خلال حرب 1967 قال فيها إنه يعتبر نفسه يهودياً منصهرا يبكي لعثرات فرنسا من معركة واترلو إلى معركة فردان، ويعتبر أن رايته هي العلم الفرنسي ونشيده الوطني هو النشيد الوطني الفرنسي، غير أنه يشعر إذا سمحت الدول الكبرى بدمار إسرائيل بأن تلك "الجريمة" رغم صغر حجمها بالنسبة لهذه الدول لن تبقي له الكثير من أسباب الحياة.

"وجود سبعمائة ألف يهودي في فرنسا يؤثر على القرار السياسي لأي حكومة فرنسية بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي، فكيف إذا كان الرئيس الفرنسي الجديد هو نفسه يتعاطف مع إسرائيل؟ فعلى الجالية العربية في فرنسا أن تنظم نفسها وتشارك في الأحزاب السياسية والمنظمات الفرنسية"علاقة يهود فرنسا بإسرائيل
لم تكن هجرة يهود فرنسا إلى إسرائيل منظمة قبل قيامها، ولكن خلال الحرب العالمية الثانية بدأت بعض العائلات اليهودية تهاجر إلى فلسطين هربا من الاحتلال الألماني لفرنسا.
وحتى قيام إسرائيل لم يهاجر من يهود فرنسا سوى 3943 إلى فلسطين، وأكثر سنوات الهجرة كانت عام 1949، حيث وصل إليها 1653 يهوديا فرنسيا، وفي السنوات العشر الأولى من قيام إسرائيل لم يهاجر إليها من فرنسا سوى 7768 يهوديا.
ومن الملاحظ أن نسبة اليهود الفرنسيين المهاجرين إلى إسرائيل ضعيفة، وغالبيتهم من اليهود الذين التحقوا بأقارب لهم هاجروا إليها من مناطق مختلفة من أوروبا. بل إن اليهود الذين هاجروا من مصر والجزائر وبقية دول المغرب العربي فضلوا الهجرة إلى فرنسا على الهجرة إلى إسرائيل.
وقد طرح سؤال على عينة من خمسمائة يهودي فرنسي عن احتمالات الهجرة من فرنسا فكانت النتيجة، أن 54% أجابوا بأنه احتمال مرفوض إطلاقا، و33% أجابوا بأنهم يهاجرون في حالة تجدد الاضطهاد، و2% لأسباب عقائدية، و11% لأسباب شخصية.
أي أن أكثر من نصف اليهود الفرنسيين يرفضون الهجرة، وحتى في حالة الهجرة الاضطرارية، فإن 35% منهم اختاروا الولايات المتحدة و16% أوروبا الشمالية وبريطانيا، و17% بلجيكا وسويسرا وكندا، و8% أميركا اللاتينية، و13% إيطاليا وإسبانيا، و7% دولا أخرى، ولم يعط جواباً 4%.
وعدم حماس يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل لا يقلل من تأييدهم لها مع بقائهم في فرنسا، بل إن 39% من اليهود الفرنسيين لا يتكلمون اللغة العبرية.
لا شك أن وجود سبعمائة ألف يهودي في فرنسا يؤثر على القرار السياسي لأي حكومة فرنسية، بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي. فكيف إذا كان الرئيس الفرنسي الجديد هو نفسه يتعاطف مع إسرائيل؟
وللرد على هذا التساؤل على الجالية العربية في فرنسا أن تنظم نفسها وتشارك في الأحزاب السياسية والمنظمات الفرنسية. وعندها سوف يؤثرون على النخب السياسية الفرنسية، ولن يستطيع ساركوزي أو غيره أن يتخذ مواقف سياسية معادية للقضايا العربية.
__________________كاتب أردني

السبت، 2 يونيو 2007

وقفة ٌ على طـَـلــل للشاعر الفذ محمود غنيم


كان محمود غنيم ـ رحمه الله تعالى ـ من ذلك الرعيل الذي أشرب حب الشعر العربي الجزل، بديباجته الرائعة، وصوره الدافئة، ومعانيه المتألقة، وأخيلته المجنحة، وهو إلى ذلك شاعر مصري أصيل، عذب البيان، سلس العبارة، موسيقي اللفظ.
ولد الشاعر محمود غنيم (1902 ـ1972م) في الريف المصري، وبالضبط في قرية "مليج" وهي إحدى قرى محافظة المنوفية بمصر، وقد عاش وسط أسرة تتمتَّع بسمعة طيبة، وتحترف الزراعة والتجارة.
وقد عاش الشاعر سبعين عاماً قضاها كلها في كفاح طويل: فقد عاش أليفاً للمحن وخطوب الأيام التي هيأته ليكون في طليعة شعراء العربية وأدبائها فحولة وأصالة وصدقاً والتزاماً.

والأبيات التالية للشاعر محمود غنيم ، من قصيدة ٍ رائعة ٍ يتألمُ فيها لحا ل أمته العربية والإسلامية ، ويبكي أمجاد أمته السالفــة ،ومآثرها التي اندثرت نتيجة ً لتقاعس أبنائها ، حتى صارتْ أمتنا مضر ِبَ المثل في الضعف والتخلف والهوان




مالي وللنجم يرعاني وأرعاه أمسى كلانا يعافُ الغمضَ جفـناه
لي فيك يا ليل آهاتٌ أرددها أُواه لو أَجْدَتِ المحزون أُواه
لا تحسبني محبًا أشتكي وصبًا أهون بما في سبيل الحب ألقاه

إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ مجدًا تليدًا بأيدينا أضعناه
ويْح العروبةِ كان الكونُ مسرحَها فأصبحت تتوارى في زواياه
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد ٍ تجده كالطير مقصوصًا جناحاه
كم صرّفتنا يدٌ كنا نُصرّفها وبات يحكمنا شعب ملكناه


هل تطلبون من المختار معجزةً يكفيه شعبٌ من الأجداث أحياه
من وحَّد العرب حتى صار واترهم إذا رأى ولدَ الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكةً ما ساسها قيصرٌ من قبل أو شاهُ
ورحَّب الناس بالإسلام حين رأوا أن الإخاء وأن العدل مغزاه


يا من رأى عمرَاً تكسوه بردَته والزيتُ أُدْمٌ له والكوخُ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا من بأسه وملوكُ الروم تخشاه
هي الشريعة عين الله تكلؤها فكلما حاولوا تشويهها شاهوا

سل المعالي عنا إننا عُرْبٌ شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظٌ إن نطقت به فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
إنّا مشينا وراء الغرب نقبس من ضيائه فأصابتنا شظاياه

بالله سل خلف بحرالروم عن عُرْبٍ بالأمس كانوا هنا ما بالُهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراءُ عن كثبٍ فسائل الصرح أين المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها عمّن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها علّ امرأً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به فحين جاوزَ بغداداً تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة منهن قامت خطيبًا فاغرًا فاه
الله يشهد ما قلَّبت سيرتهم يومًا وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أممًا ونستمد القوى من وحيِ ذكراه

إنِّي لأعتبرُ الإسلام جامعة للشرق لا محض ديـنٌ سـنَّهُ الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي والمختار عاهله والمسلمون وإن شتّوا رعاياه
لاهُمَّ قد أصبحت أهواؤنا شيعًا فامنن علينا براعٍ أنت ترضاه
راعٍ يعيد إلى الإسلام سيرتُه يرعى بنيه وعين الله ترعاه