لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الخميس، 21 يونيو 2007

رشيد بوجدرة في حوار مثير لـ''الخبر'' 'الإسلاميون ظلموني·· والشيخ نحناح دافع عني


''الإسلاميون ظلموني·· والشيخ نحناح دافع عني''
سافرت إلى أمريكا مؤخرا، وحاضرت في أكبر جامعاتها، كيف وجدت المجتمع الأمريكي؟
وجدت المجتمع الأمريكي متفجرا، فالأغلبية الساحقة من الشعب ضد سياسة جورج بوش، وقد زرت أمريكا من شرقها إلى غربها وصولا إلى الجنوب إلى تكساس وأطلنطا، وحاضرت في أكبر الجامعات الأمريكية العشر، ولمست تعاطفا من المثقفين الأمريكيين مع القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية·وكيف كانت جولتك في الجامعات الأمريكية؟ حاضرت خلال جولتي الأمريكية حول وليام فولكنر والأثر الذي تركه في الرواية المغاربية، لكن النقاشات كانت تتحول في كل مرة إلى الحديث عن الحضارة العربية الإسلامية· وما أثار انتباهي هذه المرة وأنا أزور أمريكا بعد خمس سنوات، هو الفقر المنتشر في كل مكان، حتى في نيويورك التي أعرفها جيدا· فقد سبق لي أن درست هناك· بدا لي الفقر منتشرا في كل مكان، طبعا أنا لست من الذين تبهرهم أمريكا، لكن جامعاتها نعم، وجدت خلال أربع عشرة محاضرة ألقيتها هناك أن المثقفين الأمريكيين يهتمون كثيرا بحرب التحرير الجزائرية من خلال قراءتهم لرواية ''التفكك'' التي كتبتها سنة .1982عدت في روايتك الأخيرة ''نزل سان جورج'' لموضوع حرب التحرير، ما هي دوافعك لذلك؟إن الموضوع في أعمالي الروائية لا يتعدى كونه تعلة· وهذه الرواية واقعية تماما، فقد التقيت منذ سنوات بمواطنة فرنسية منحت لي مذكرات والدها متكونة من مائة صفحة، قرأتها ومنها انطلقت لكتابة الرواية· ويتعلق الأمر هنا بعودة لموضوع حرب التحرير لكن من زاوية مغايرة· فقد تناولت نفس الموضوع في رواية ''التفكك'' وتطرقت لموضوع الثورة لكن من الداخل، ومن منظور الحزب الشيوعي الجزائري، فأظهرت سلبيات الثورة·


هو نقد لمواقف الحزب الشيوعي من الثورة، أليس كذلك؟
يمكن اعتبار رواية ''التفكك'' كرواية النقد الذاتي بالنسبة للحزب الشيوعي أثناء حرب التحرير، من منطلق تجربتي الشخصية، فقد شاركت في الثورة وأعرف جيدا صيرورتها· أما في رواية ''نزل سان جورج'' فالأمر يختلف، وقد تناولت موضوع الثورة لكن من زاوية مختلفة ومغايرة تماما· وبعد أن كنت أعتقد أنني انتهيت من هذا الموضوع عدت إليه ثانية بعد لقائي بهذه المواطنة الفرنسية التي قدمت لي مذكرات والدها الذي شارك كجندي في حرب الجزائر، وكانت النظرة هذه المرة من زاوية الآخر الذي عاش بدوره هذه الحرب كمأساة إنسانية حقيقية· أنا روائي الشرط الإنساني كما تعلمون، وكل أعمالي تتناول موضوع الإنسان والتراجيديا· إن رواية ''نزل سان جورج'' ليست رواية حرب، بل رواية عن الإنسان في خضم الحرب· وأعتقد أن قوة الرواية الحديثة والمحدثة بالنسبة لي تكمن في إحداث القطيعة مع الرواية الكلاسيكية التي استغلها الروائيون العرب، نجيب محفوظ مثلا روائي كلاسيكي قدم أشياء كثيرة للرواية العربية، لكنه بقي على كلاسيكيته، فلم يقدم أي إضافات على مستوى الكتابة الروائية·


ومن هو حسب اعتقادك الذي قدم الإضافات الكافية؟
الوحيد الذي قدم إضافات بارزة هو طه حسين· لقد نسينا طه حسين وجعلنا اهتمامنا ينصب على نجيب محفوظ، إن طه حسين يملك لغة قوية، لغته قرآنية، أما نجيب محفوظ فهو كاتب يقرأ في سن الخامسة عشرة، فينسى، وأعماله تشبه المسلسلات المصرية التي تبث على الساعة السابعة·· صحيح أن نجيب محفوظ تحدث عن حياة الناس في الأحياء الشعبية، لكن الرواية أكثر من هذا·


لكنه تحصل على جائزة نوبل للآداب؟
جائزة نوبل للآداب لم تعد مقياسا، وهي ليست جائزة أدبية بقدر ما هي جائزة سياسية، بدليل أن ستة روائيين إسرائيليين تحصلوا عليها· ونجيب محفوظ تحصل عليها نظير مساندته لاتفاقيات كمب دايفيد· وبالمناسبة تم ترشيحي مرة أخرى هذا العام للحصول على جائزة نوبل، لكنني أعرف أنني لن أتحصل عليها بسبب مواقفي السياسية، وحتى إن منحت لي فإنني لن أقبلها·يلاحظ أنك لم تتحصل على أي جائزة أدبية في فرنسا، لماذا؟الجوائز الفرنسية لم أتحصل عليها يوما بسبب مواقفي السياسية تجاه الاستعمار الفرنسي، أنا محاصر في فرنسا منذ أن نشرت رواية ''التطليق''· لكن أين هو الروائي الجزائري الذي تحصل على جائزة أدبية معتبرة، ما عدا آسيا جبار، وأنا اعرف لماذا تحصّلت عليها· محمد ديب لم يتحصّل على أي جائزة لأنه لم يتنازل يوما عن وطنيته·


يشاع أن دور النشر الفرنسية تدفع الكتاب الجزائريين لتقديم تنازلات في نصوصهم، هل تؤكد هذا؟
نعم··، وأؤكد ذلك· فقد أرادت منشورات غراسي أن تغير بعض المقاطع الواردة في روايتي الأخيرة ''نزل سان جورج'' والمتعلقة بقضية الاستعمار، لكنني رفضت· وحاولوا قبل هذا لما صدرت رواية ''الرعن'' حيث تطرقت لجرائم الإبادة التي ارتكبها الجيش الفرنسي أثناء عملية الغزو وبالضبط ما تعلق بإبادة قبائل بكاملها خنقا داخل المغارات، طلبوا مني أن أحذف فصولا كاملة لكنني رفضت·كيف ينظر رشيد بوجدرة للفضاء الأدبي الجزائري حاليا؟أعتقد أن الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية أحسن من مثيلتها المكتوبة باللغة الفرنسية· صحيح أن الروائي مصطفى بن فوضيل الذي يكتب باللغة الفرنسية يشكل طفرة نوعية، لكن بصفة عامة الرواية العربية أحسن بكثير، والشعر المكتوب بالعربية بدوره يوجد في صحة جيدة· وأعتقد أن هناك جيلا بدأ في طريق تكوين نفسه بجد، وهو سائر نحو أخذ مكاننا· صحيح انه يوجد كم هائل من الأعمال الأدبية اليوم، ونحن في انتظار الكيف· وهناك للأسف أسماء أبزرت وأظهرت نفسها بكل الوسائل وبطريقتها الخاصة، لكنها بدأت تفشل، منها كاتب كان يأتيني كل عام برواية جديدة، أقرأها فأجده يكرر نفسه· وهناك كذلك ظاهرة سلبية وهي لجوء بعض الروائيين من الجيل الجديد إلى نشر أعمالهم بأنفسهم دون المرور بلجان القراءة، فانتشرت في الساحة أعمال رديئة جدا·


هل يعتقد بوجدرة أنه ظلم من طرف الإسلاميين؟
صحيح، أنا شيوعي، لكنني لم أظلم الشعب يوما· بل دافعت عن الإسلاميين ووقفت إلى جانبهم، لكنهم أرادوا قتلي، فحاربتهم بقلمي، وأعترف اليوم ولأول مرة أن الوحيد الذي وقف إلى جانبي وساندني في محنتي لما كانت أصابع الاتهام قد وجهت إليّ من قبل الإسلاميين وأهدر دمي هو الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله· لقد اتصل بي ذات مرة وقال لي لي ''لك دين عندنا، لأنك دافعت عن الحضارة العربية الإسلامية''، ودعاني نحناح لتناول الكسكسي معه مرات كثيرة· لقد كان رجلا صاحب مواقف كبيرة، رحمه الله·

ليست هناك تعليقات: