لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الخميس، 26 يوليو 2007

الفتوحات الإسلامية .. حقائق وشبهات

موقع القرضاوي/ 25-7-2007



يتساءل كثير من الناس في ريبة : ما سبب الفتوحات الإسلامية التي تمت في عصر قوة الإسلام ؟ أليست هذه نوعا من الاحتلال ؟ ألم تكن قهرا للشعوب على الدخول في الإسلام تحت حد السيف؟

وقد أجاب فضيلة الإمام العلامة د. يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين على هذا الاستفسار بقوله :

بسم الله الرحمن الله : الذي أراه ويراه المحققون المتدبرون للتاريخ، الذي يقرأونه قراءة صحيحة غير سطحية ولا معتسفة: أن هذه الفتوح كان لها أهداف عدة:

1- أنها أرادت كسر شوكة السلطات الطاغية والمتجبرة، التي كانت تحكم تلك البلاد، وتحول بين شعوبها وبين الاستماع إلى كلمة الإسلام، دعوة القرآن، التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام، وتريد أن يبقى الناس على دينها ومذهبها، ولا يفكر أحد في اعتناق دين آخر، ما لم يأذن له كسرى أو قيصر، أو الملك أو الأمير. وهو ما عبر عنه القرآن على لسان فرعون قديما حينما أسلم سحرته، وأمنوا برب موسى وهارون (قال: آمنتم له قبل أن آذن لكم... فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف لأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى) (طه). هذا كان حكم الأكاسرة والقياصرة والملوك في ذلك الزمن: حاجزا حصينا دون وصول الدعوة العالمية إليهم. ولهذا حينما بعث رسول الإسلام برسائله إلى هؤلاء الأباطرة والملوك، يدعوهم إلى الإسلام: حملهم - إذا لم يستجيبوا للدعوة - إثم رعيتهم معهم. فقال لكسرى: "فإن لم تسلم فعليك إثم المجوس" وقال لقيصر: "فعليك إثم الإريسيين" وقال للمقوقس في مصر "فعليك إثم القبط".

الناس على دين ملوكهم

وهذا يؤكد المثل السائر في تلك الأزمان: الناس على دين ملوكهم. فأراد الإسلام أن يرد الأمور إلى نصابها، ويعيد للشعوب اعتبارها واختيارها، فلا يختارون هم بأنفسهم لأنفسهم. ولا سيما في هذه القضية الأساسية المصيرية، التي هي أعظم قضايا الوجود على الإطلاق: قضية دين الإنسان، الذي يحدد هويته، ويحدد غايته، ويحدد مصيره.

ومن هنا كانت الحرب الموجهة إلى هؤلاء الملوك والأباطرة، لهدف واضح، هو (إزالة الحواجز) أمام الدعوة الجديدة، حتى تصل إلى الشعوب وصولا مباشرة، وتتعامل معها بحرية واختيار، لمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيا عن بينة. دون خوف من جبار يقتلهم أو يصلبهم في جذوع النخل.

2- حرب وقائية لحماية الدولة الإسلامية: وهناك هدف آخر، مكمل لهذا الهدف، وهو: أن هذه الدولة الوليدة الفتية التي أقامها الإسلام في المدينة، هي دولة عقيدة وفكرة، دولة شريعة ورسالة، وليست مجرد سلطة حاكمة، فهي بتعبير العصر (دولة أيديولوجية) تحمل دعوة عالمية، للبشر جميعا، وهي مأمورة بتبليغ هذه الدعوة، التي تمثل رحمة الله للعالمين، ومن شأن هذه الدولة: أن تقاوم وتحارب من قبل القوى المتسلطة في الأرض، التي نرى في رسالة هذه الدولة ومبادئها خطر عليها. فإذا لم نحاربها اليوم، فلا بد أن نحاربها غدا، كما علمتنا تجارب التاريخ، وكما تقتضيه سنن الله تعالى في الكون والمجتمع.

ولهذا كانت هذه الحروب: نوعا مما يسمى الآن (الحرب الوقائية) حماية للدولة من المخاوف والأطماع المتوقعة من جيران يخالفونها في الأيديولوجية ويناقضونها في المصالح، ويعتبرونها مصدر قلق لهم، بل خطر عليهم.

3- حروب تحرير للشعوب المستضعفة: وإلى جوار هذين الهدفين الواضحين: يتبين لنا أن هناك هدفا آخر لهذه الحروب أو الفتوح، ولا يخفى على دارس يعرف ما كان عليه العالم قبل الإسلام.

هذا الهدف هو: تحرير شعوب المنطقة من ظلم الحكام الذين سلطوا عليها فترة من الزمن، فقد كان العالم في الجاهلية تتنازعه دولتان عظيمتان: دولة الفرس في الشرق ودولة الروم في الغرب، أشبه بما عرفناه وعايشناه في عصرنا من دولة الروس، ودولة الأمريكان، أيام الحرب الباردة بين الطرفين.

وقد سيطرت كل منهما على بعض البلاد، واتسعت رقعة تلك الدولة حينا على حساب الآخر، وانحسرت حينا آخر، كما نص القرآن علينا ذلك في أوائل (سورة الروم) : (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) الروم:

وكانت دولة الفرس تملك بعض ديار العرب في العراق، وكانت الروم تملك بلادا أخرى في الشام، كما تملك مصر وغيرها في شمال أفريقيا.

وكان هذا لونا من ألوان الاستعمار المتسلط المستكبر في الأرض بغير الحق، وكان على الإسلام مهمة -باعتباره رسالة تحرير للعالم من عبودية البشر للبشر- أن يقوم بدور في إنقاذ هذه الشعوب.

وقد رأينا رسالة نبي الإسلام إلى قيصر والمقوقس وغيرها تختم بهذه الآية الكريمة من سورة آل عمران: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) فهذه الدعوة عامة إلى التحرير.

وكان لا بد من مساعدة هذه الشعوب على التحرر من هذا المستعمر الغريب عنها، وهذا ما جعل هرقل يقول بعد دخول جيوش المسلمين إلى الشام: سلام عليك يا سوريا، سلام لا لقاء بعده..

وقد كان الروم يعتبرون مصر بقرة حلوبا لهم، يحلبون ضرعها، وإن لم ترضع أولادها، ولهذا رحب الشعب المصري بالفاتحين الجدد، وفتح لهم صدره، وذراعية، واستطاع المسلمون بثمانية آلاف جندي فقط أن يفتحوا مصر، ويحرروها من سلطان الروم إلى الأبد.

السيف لا يفتح قلباً

ونقول لأصحاب دعوى انتشار الإسلام بالسيف: إن السيف يمكنه أن يفتح أرضا، ويحتل بلدا، ولكن لا يمكنه أن يفتح قلبا. ففتح القلوب وإزالة أقفالها: تحتاج إلى عمل آخر، من إقناع العقل، واستمالة العواطف، والتأثير النفسي في الإنسان.

بل أستطيع أن أقول: أن السيف المسلط على رقبة الإنسان، كثيرا ما يكون عقبة تحول بينه وبين قبول دعوة صاحب السيف. فالإنسان مجبول على النفور ممن يقهره ويذله.

ومن ينظر بعمق في تاريخ الإسلام ودعوته وانتشاره: يجد أن البلاد التي فتحها المسلمون، لم ينتشر فيها الإسلام إلا بعد مدة من الزمن، حين زالت الحواجز بين الناس وبين الدعوة، واستمعوا إلى المسلمين في جو هادئ مسالم، بعيدا عن صليل السيوف، وقعقة الرماح، ورأوا من أخلاق المسلمين في تعاملهم مع ربهم، وتعاملهم مع أنفسهم، وتعاملهم مع غيرهم: ما يحبب الناس إليهم، ويقربهم من دينهم، الذي رباهم على هذه المكارم والفضائل.

وانظر إلى بلد كمصر، وقد فتحت في عهد أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، ولكن ظل الناس على دينهم النصراني عشرات السنين، لا يدخل فيه إلا الواحد بعد الواحد. حتى أن الرجل القبطي الذي أنصفه عمر، واقتص لابنه من ابن والي مصر: عمرو بن العاص، لم يدخل في الإسلام، رغم ما شاهد من عدالة ما يبهر الأبصار.

الاثنين، 16 يوليو 2007

إنجازاتكم شاهدة على عاركم يا ساركوزي




إنجازاتكم شاهدة على عاركم يا ساركوزي

حاوره: سمير حميطوش

اعتبر الدكتور محمد القورصو، أن الإنجازات الاستعمارية التي يفتخر بها ساركوزي اليوم، هي شاهد على ''عار'' فرنسا في الجزائر، ودعا رئيس جمعية 8 ماي، السياسيين الجزائريين، إلى صرف النظر عن معاهدة الصداقة والعمل على إنشاء وتقوية ''لوبي'' مؤيد للجزائر في فرنسا.


أصبح ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية، كيف ترى مستقبل اتفاقية الصداقة الجزائرية - الفرنسية؟

أولا، بالنسبة لموضوع اتفاقية الصداقة بين الجزائر وفرنسا أو بين فرنسا والجزائر، لست أدري، في رأيي هذه الاتفاقية أصبحت منسية، رغم أن البعض يحاول التشبث بها، لكنني أعتقد انه بعد المواقف الفرنسية المصرة على تجاوز التاريخ والإساءة إليه، أعتقد أن هذه الاتفاقية تجاوزها الزمن...

ساركوزي قال في آخر خطاب ألقاه بنواحي مونبوليي في 3 ماي الماضي، ''أدعوا الطفل الجزائري الى مد يده الى الطفل الفرنسي''.. أليست هذه دعوة صريحة إلى المصالحة؟

هذه دعوة معكوسة، المهم في منبوليي أن قال ساركوزي ثلاثة أشياء، قال: أدعو الطفل الفلسطيني إلى أن يضع يده في يد الطفل اليهودي، وقال: أدعو الطفل الجزائري إلى أن يمد يده إلى الطفل الفرنسي، وأنا عندي سؤال بسيط: لماذا لم يقل العكس؟ لماذا ليس الطفل اليهودي هو الذي يمد يده إلى الطفل الفلسطيني، ولماذا ليس الطفل الفرنسي هو الذي يمد يده إلى الطفل الجزائري؟ هذا وان كان ذكاء في الخطاب السياسي، ولكنه خطاب معكوس يحول الضحية الى جلاد، الطفل الفلسطيني المحاصر من طرف أوروبا والذي يقف أعزلا إلا من حجارته في وجه الدبابات الإسرائيلية، هذا الطفل يصبح هو الجاني وهو المجرم، أليس هذا دليلا على تشبع الرجل بالفكر الصهيوني؟ وهناك شيئ ثالث قاله وعمله ساركوزي في منبوليي، هذه المدينة الشهيرة عند المسيحيين، فهي المدينة التي انطلقت منها الجيوش التي شنت الحرب الصليبية على عالمنا الإسلامي، ساركوزي تحدث بإعجاب عن موقف رجال الدين في المنطقة، الذي كانوا محرضين وجنودا في الحملة الصليبية.

وفي حوار مع ''الجزائر نيوز''، تحدث عن إنجازات قدمتها فرنسا الاستعمارية للجزائر، شقت الطرقات.. بنت المستشفيات... ألا تعتقد أن فرنسا باستعمارها قدمت لنا شيئا؟

أقامت فرنسا الاستعمارية منجزات رائعة شقت الطرقات وبنت المستشفيات وبنت مدنا جميلة جدا وشوارع العاصمة وحدائقها الجملية.. لكن الذي لم يقله ساركوزي وأمثاله، أن هذه المنجزات لم تكن لصالح الجزائريين، نعم، هذه المنجزات كانت ممنوعة على العرب.. أما استفادة الجزائريين من هذه المنجزات، فقد قالها بصراحة واحد من المعمريين، الذين كانوا يشرفون على إرغام الجزائريين على تجفيف مستنقعات المتيجة، قال بصراحة ''إننا نقدم خدمة للمستعمرة من خلال العمل على تجفيف المستعمرة من الجزائريين.. من خلال استغلالهم في الأعمال الشاقة وتجفيف المستنقعات''.. ما هو عدد الجزائريين الذين استشهدوا وهم يشقون الطرقات ويجففون مستنقعات المتيجة؟ لا نعرفهم، الآن بعض الفرنسيين بدأوا يتكلمون عن الموضوع، ونحن يجب ان نشكر أوليفي لوكور على عمله من الباب العلمي، حيث كشف بعض هذه الأمور، لأن الفرنسيين يحق لهم الاطلاع على وثائق الأرشيف، أما نحن فلا يحق لنا ذلك...

والجزائريون لم يكونوا فقط هم اليد العاملة التي أنجزت وشيدت هذه الأشياء الجميلة، التي حرموا منها فقط، وإنما شغلوا من أجل أن يصابوا بالأمراض المعدية ويبادوا.. وبالتالي، أنا اقول لساركوزي والذين يرددون مثل هذا الكلام، أقول لهم اقرؤوا تاريخكم قبل أن تتكلموا.. أما بالنسبة للجزائريين الذين سمعوا هذا الكلام، فعليهم أن يعلموا أن الفرنسيين شيدوا هذه المنجزات لأنهم كانوا يظنون ويعملون لأن يخلدوا هنا ويحولوا الجزائر الى قطعة من فرنسا، ولكن عجلة التاريخ فاجأتهم بمواقف الجزائريين التي كانت آخرها الثورة التحريرية، وهذا الكلام عن التضحيات التي بذلوها هو مجرد افتراء وأكذوبة تاريخية·

لماذا ترعرعت هذه الثقافة؟

المدرسة الفرنسية كرست هذا الأمر، ولقنت للأجيال بأن دور أجدادهم في المستعمرات كان إيجابيا، إلا أن صدور قانون فيفري 2005 مكن المجتمع الفرنسي من اكتشاف شيء آخر، اكتشفوا أن مظاهرات 17 أكتوبر كانت جريمة ومجزرة بأتم معنى الكلمة، وقد صدرت كتب وأفلام وثائقية في الموضوع.. اكتشفوا ان في 8 ماي ,45 كانت افراح في باريس وفي نفس الوقت كانت هناك مجازر في الجزائر، في فرنسا الآن إعادة نظر في التاريخ.. وهناك دور تلعبه الأجيال الجديدة من المهاجريين الجزائريين الموجودين في فرنسا، هذه الأجيال خرجت من التخدير الثقافي، ورغم سلبيته، فيلم ''الأنديجان'' جعل الكثيرين يستفيقون، والجمعية على اتصال مع عدد من هؤلاء من بينهم مخرجة سينمائية تضبط الآن فيلما حول 8 ماي في خراطة وسطيف.

المدرسة الفرنسية علمت الفرنسيين شيئا خاطئا، والرئيس ساركوزي معتز بهذا الخطأ، ما العمل؟

يجب العمل على توعية المهاجريين الجزائريين والاستفادة من الدراسات التاريخية للفرنسيين الذين يسمح لهم بالاطلاع على الأرشيف، وأن نقترب من الفرنسيين المنصفين والذين يميلون إلى طروحاتنا، من كسبهم لأنهم يمثلون ضغطا على النظام الفرنسي، وعلينا أن نطور مفهومنا لـ''اللوبي''.. انظر مثلا، لا يوجد الآن لليهود مرشح أو مسؤول يميني أو يساري، إلا له مستشارون يهود، ونحن لنا إمكانيات الاستثمار في أبنائنا الذين هاجروا في سنوات المأساة الوطنية، والاستفادة من هؤلاء الذين يؤيدونن