لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

السبت، 2 يونيو 2007

وقفة ٌ على طـَـلــل للشاعر الفذ محمود غنيم


كان محمود غنيم ـ رحمه الله تعالى ـ من ذلك الرعيل الذي أشرب حب الشعر العربي الجزل، بديباجته الرائعة، وصوره الدافئة، ومعانيه المتألقة، وأخيلته المجنحة، وهو إلى ذلك شاعر مصري أصيل، عذب البيان، سلس العبارة، موسيقي اللفظ.
ولد الشاعر محمود غنيم (1902 ـ1972م) في الريف المصري، وبالضبط في قرية "مليج" وهي إحدى قرى محافظة المنوفية بمصر، وقد عاش وسط أسرة تتمتَّع بسمعة طيبة، وتحترف الزراعة والتجارة.
وقد عاش الشاعر سبعين عاماً قضاها كلها في كفاح طويل: فقد عاش أليفاً للمحن وخطوب الأيام التي هيأته ليكون في طليعة شعراء العربية وأدبائها فحولة وأصالة وصدقاً والتزاماً.

والأبيات التالية للشاعر محمود غنيم ، من قصيدة ٍ رائعة ٍ يتألمُ فيها لحا ل أمته العربية والإسلامية ، ويبكي أمجاد أمته السالفــة ،ومآثرها التي اندثرت نتيجة ً لتقاعس أبنائها ، حتى صارتْ أمتنا مضر ِبَ المثل في الضعف والتخلف والهوان




مالي وللنجم يرعاني وأرعاه أمسى كلانا يعافُ الغمضَ جفـناه
لي فيك يا ليل آهاتٌ أرددها أُواه لو أَجْدَتِ المحزون أُواه
لا تحسبني محبًا أشتكي وصبًا أهون بما في سبيل الحب ألقاه

إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ مجدًا تليدًا بأيدينا أضعناه
ويْح العروبةِ كان الكونُ مسرحَها فأصبحت تتوارى في زواياه
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد ٍ تجده كالطير مقصوصًا جناحاه
كم صرّفتنا يدٌ كنا نُصرّفها وبات يحكمنا شعب ملكناه


هل تطلبون من المختار معجزةً يكفيه شعبٌ من الأجداث أحياه
من وحَّد العرب حتى صار واترهم إذا رأى ولدَ الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكةً ما ساسها قيصرٌ من قبل أو شاهُ
ورحَّب الناس بالإسلام حين رأوا أن الإخاء وأن العدل مغزاه


يا من رأى عمرَاً تكسوه بردَته والزيتُ أُدْمٌ له والكوخُ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا من بأسه وملوكُ الروم تخشاه
هي الشريعة عين الله تكلؤها فكلما حاولوا تشويهها شاهوا

سل المعالي عنا إننا عُرْبٌ شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظٌ إن نطقت به فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
إنّا مشينا وراء الغرب نقبس من ضيائه فأصابتنا شظاياه

بالله سل خلف بحرالروم عن عُرْبٍ بالأمس كانوا هنا ما بالُهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراءُ عن كثبٍ فسائل الصرح أين المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها عمّن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها علّ امرأً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به فحين جاوزَ بغداداً تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة منهن قامت خطيبًا فاغرًا فاه
الله يشهد ما قلَّبت سيرتهم يومًا وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أممًا ونستمد القوى من وحيِ ذكراه

إنِّي لأعتبرُ الإسلام جامعة للشرق لا محض ديـنٌ سـنَّهُ الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي والمختار عاهله والمسلمون وإن شتّوا رعاياه
لاهُمَّ قد أصبحت أهواؤنا شيعًا فامنن علينا براعٍ أنت ترضاه
راعٍ يعيد إلى الإسلام سيرتُه يرعى بنيه وعين الله ترعاه


ليست هناك تعليقات: