تعود أطوار هذه القضية، التي تحصلت ''الخبر'' على نسخة من القرار الصادر بشأنها عن لجنة حقوق الإنسان الأممية، إلى سنة 1962، حيث أن المدعو أرمون انتون، المولود في 18 نوفمبر 1909 بوهران قبل أن يغادرها بتاريخ 14 جويلية 1962 غداة الاستقلال، تاركا وراءه ممتلكاته، المتمثلة في عقارات ومنقولات، استنجد بالسلطات الفرنسية لاستعادة ممتلكاته في الجزائر والحصول على تعويضات مالية·وبتاريخ 24 نوفمبر 2004 تقدم المعني إلى لجنة حقوق الإنسان الأممية، دون مباشرة طرق الطعن الداخلية لإدعائه بعدم جدواها، مع العلم أن هذه الأخيرة تشكل أحد الإجراءات التي تسبق اللجوء إلى اللجنة، وذلك وفقا لما تنص عليه أحكام البروتوكول الاختياري الأول المتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية·بعد إحالة لجنة حقوق الإنسان ملف الشكوى على السلطات الجزائرية المختصة قصد الرد عليها، قامت وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية بإعداد ثم إرسال مذكرة جوابية حول الإدعاءات المثارة من طرف الرعية الفرنسية الذي أسسها على خرق الجزائر لأحكام العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر بتاريخ 16 ماي 1989 لا سيما مواده 1، 12، 17، 27، 2 الفقرة 1 و26 منه·وبعد مداولة أعضاء اللجنة حول محتوى ملفي أطراف الخصومة، تقرر عدم قبول الشكوى المقدمة من طرف السيد أرمون أنتون ضد الجمهورية الجزائرية بـ14 صوتا من مجموع 15، مستندين إلى كل من مذكرة السلطات الجزائرية الجوابية، وكذا أحكام المادتين 1 و93 الفقرة 3 من النظام الداخلي للجنة، التي قضت بأن الأفعال المنسوبة للجمهورية الجزائرية بنفي المدعي والاستيلاء على ممتلكاته، قد وقعت سنة 1962، أي قبل انضمام الجزائر للعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ودخوله حيز النفاذ بالنسبة إليها· وليست هي المرة الأولى التي تقدم فيها شكوى في هذا الإطار، بل أن الهيئات التي تنشط من أجل الدفاع عن مصالح الأقدام السوداء قدمت 600 ملف للجنة الأممية المعنية، بهدف إرغام الجزائر على دفع تعويضات عن ممتلكاتهم المتروكة بها بعد الاستقلال، لكن الأمر تم حسمه بالقرار الصادر في أول نوفمبر 2006 باعتباره يشكل سابقة سوف تطبق على كل الحالات المماثلة بوصفه اجتهادا قضائيا جديدا·في نفس الإطار يطالب نحو 120 ألف يهودي كانوا غادروا الجزائر بعد الاستقلال، السلطات الجزائرية بتعويضهم عن الممتلكات التي تركوها وراءهم، والتي قدّروها بنحو 144 مليون دولار، وهذا ما نجده في البيان الذي نشره من يطلقون على أنفسهم وصف ''يهود الجزائر'' في موقعهم على شبكة الأنترنت، ''زلابية كوم''، حيث دعوا السلطات الجزائرية إلى تعويضهم بسبب ما لحق بهم جراء مغادرتهم الجزائر مع قوافل المستعمرين خوفا من ثأر الجزائريين· ويهدد ''يهود الجزائر'' باللجوء إلى استعمال الضغط الدولي على الحكومة الجزائرية للاعتراف بحقهم، مشيرين إلى مساعي الكنيست الإسرائيلي في حمل الدول العربية على تعويض اليهود العرب·كما طالبوا بإعادة الاعتبار لأكثر من 120 ألف يهودي كانوا يعيشون بين 1830 إلى 1962، على الرغم من أن الرئيس الأسبق، أحمد بن بلة، خيّرهم أثناء فترة حكمه بين البقاء في الجزائر أو الرحيل، إلا أنهم فضلوا المغادرة خوفا من (انتقام الجزائريين) على اعتبار أنهم صوتوا بـ''لا'' خلال استفتاء 02 جويلية 1962 لتحديد مصير الجزائر· وشهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة موجة من الزيارات التي يقوم بها فرنسيون كانوا يعيشون في الجزائر قدّر عددهم بـ45 ألف شخص خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2006، وعادة ما يصطحبون معهم بعض اليهود الذين يحاولون تقييم الوضع الداخلي، ويقومون بزيارة بعض المناطق التي كان يتواجد فيها اليهود، مثلما حدث بولاية تلمسان خلال العام الماضي، حيث زار عدد من اليهود الفرنسيين المولودين في تلمسان موطنهم الأصلي·
تخلُّفنا الحضاري جريمة, نحمل نحن عارها ولا يحمله الآخرون عنا, وإن الأخطاء أو الخطيئات التي ارتكبها المسلمون داخل أرضهم هي التي استدعت القوات الأجنبية للمجيء من الخارج, وإن العلاج ليس فتوى مضحكة بإعلان الجهاد وإنما هو إعادة ترتيب البيت كله, ليعود للعقل الإنساني مكانه, وللخلق الإنساني مكانه.إن دين الفطرة لا دور له في بلاد تحيا على التصنُّع والتكلُّف والمراءاة والكذب).الشيخ محمد الغزالي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق