لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الجمعة، 21 سبتمبر 2007

الشيخ القرضاوي : صنفان يعاديان الشيخ الغزالي



ومن أعجب ما ذكره هذا الشخص العلماني التونسي اسمه الشابِّي هذا أنه هاجم شيخنا الشيخ محمد الغزالي وهاجمني معه وقال إن الغزالي الذي كان يرأس جامعة الأمير عبد القادر أو يديرها من الناحية العلمية هو الذي بذر بذور التطرف والعنف في الجزائر وجاء القرضاوي بعده فكمَّل دوره وهذا افتراء على الحق والتاريخ، وما كنت أريد أن أعيره التفاتاً فمثل هؤلاء نقابلهم بما قال الله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)، (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) كان أولانا أن نسكت عن هذا الجاهل الأحمق المعادي للإسلام بصراحة وتبجُّح والذي يدافع عن العلمانية اللادينية بكل وقاحة والذي يهاجم الإسلام وشريعته بكل صراحة ويقول لم يعد في عصرنا مكان لتطبيق الشريعة، هذا كان أولى بنا أن نسكت عنه لولا أن بعض الأخوة اتصلوا بي وألحُّوا عليّ أن أتحدث، والذي حداني أن أتحدث هو تطاوله على الشيخ الغزالي خصوصاً أننا في هذه الأيام في الذكرى الرابعة لوفاة الشيخ الغزالي رحمه الله، الشيخ الغزالي توفي في التاسع من مارس أي منذ أيام فذكرى الشيخ الغزالي وحقه علينا يستوجب أن نرد عنه وأن نذود عن حرماته، لا يمكن أن يوصف الشيخ الغزالي بالتطرف ولا بالعنف الشيخ الغزالي وقف عمره كله وخصوصاً في سنواته الأخيرة يحارب التطرف والعنف ويدعو إلى الاعتدال والتسامح وإلى العقلانية..


صنفان يعاديان الشيخ الغزالي
ولذلك نجد الذين يعادون الشيخ الغزالي صنفين من الناس إما من المتشددين والمتطرفين الإسلاميين حتى أن بعضهم قابلني يوماً وقال لي ما رأيك في الغزالي قلت: الغزالي حجة الإسلام وهو الذي وقف ضد الفلاسفة وضد الباطنية، قال لا أسألك عن هذا الغزالي القديم إنما أسألك عن الغزالي الجديد، قلت هذا عالِم من كبار علماء الإسلام ومن كبار الدعاة الذين وقفوا حياتهم ونذروا أنفسهم للدفاع عن الإسلام، والوقوف في وجه أعداءه وفي وجه التيارات الهدَّامة والمضلِّلة، قال ولكنا نفتي بكفره، قلت بكفره؟!، قال نعم بكفره ورِدته، لماذا؟ قال: لأنه رد بعض الأحاديث في البخاري، قلت: وبرد حديث في البخاري أو حديثين يخرج الرجل من المِلِّة، لو كان الأمر كذلك لحكمنا بالردة على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لأنها ردت بعض الأحاديث على الصحابة الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها بحكم ثقافتها قالت لا ليس هذا صحيحاً هذا مناقض للآية الكريمة كذا وللآية كذا، فالإنسان يكفر لو رد السنة كلها، وقال لا نأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، السنة ليست مصدراً للتشريع ولا للتوجيه، أما أن يملأ الرجل كتبه بالأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتب الرجل فقه السيرة وعينه تترقرق دمعاً وهو في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أما الرجل الذي عاش مدافعاً عن السنة في كتبه وعن القرآن كيف نحكم عليه بالكفر، فانظروا إلى هذا الحد يُتَّهم الشيخ الغزالي من المتشددين، فالذين يهاجمون الشيخ الغزالي ويعادونه إما من هؤلاء المتشددين الذين أُغلقت عقولهم وسُجنوا في ظواهر بعض الألفاظ ولم يفقهوا الدين ولم يفقهوا الحياة هذا صنف، والصنف الآخر هم المتطرفون من العلمانيين الذين يعادون الإسلام نفسه، هؤلاء من داخل المسلمين، والقوى الأخرى المعادية للإسلام من الصهيونية والصليبية والوثنية والقوى المتربصة بهذا الدين وبأمته..

وقف الغزالي ضد المتطرفين العلمانيين
هؤلاء وقف الغزالي ضدهم في كتب عدة، وقف ضد الصهيونية ووقف ضد الصليبية، ووقف ضد الطواغيت الذين أذلوا الأمة، وقف ضد هؤلاء في كتب شتى وفي السنوات الأخيرة وقف جهوده على محاربة التطرف، التدين الزائف، التدين المنقوص المغلوط، كتب الشيخ الغزالي الأخيرة "دستور الوحدة الثقافية"، "مشكلات في طريق الحياة الإسلامية"، "هموم داعية"، "عِلل وأدوية"، "الطريق من هنا"، "الحق المر"، "مستقبل الدعوة في القرن الخامس عشر الهجري" ..الخ هذه الكتب وعدد من الكتب ظل الشيخ الغزالي يُبدء ويعيد وهمه أن يحارب هذه النـزعة؛ نزعة الغلو والتطرف والتشدد، وكان يؤمن أن الإسلام لا يُخدم إلا بهذا النوع من التدين الذي يجمع بين العقل والنقل، بين الحكمة والشريعة بين الدين والدنيا بين السماء والأرض، هكذا كان الشيخ الغزالي، هؤلاء هم الذين يعادون الشيخ الغزالي، ومن هؤلاء هذا المحاور الذي كان في الاتجاه المعاكس، فهو محاور من دعاة الاستئصال، من دعاة فلسفة تجفيف الينابيع وهذه فلسفة تقوم عليها بعض الدول وهو ممن كتبوا فيها، هذه الفلسفة تقوم على تجفيف منابع التدين الحقيقي الإيجابي في التعليم والثقافة والإعلام، يجب تنقية مناهج التربية والتعليم في المدارس والمعاهد والكليات من الحضانة إلى الجامعة من كل شيء ينشئ الشخصية الإسلامية المعتزة بدينها الموالية لربها ولأمتها الغيورة على دينها الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر فكل ما يتعلق بهذه الألوان من الثقافة تُحذف ولا تبقى في مناهج التعليم والتربية، أي كلام عن اليهود والتحذير من اليهود وعداوة اليهود وخطر اليهود ينبغي أن يُحذف أي كلام عن موالاة غير المسلمين (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) يُحذف، أي كلام عن البطولة الإسلامية والوقوف في وجه الباطل والثورة على الظلم ينبغي أن يُحذف أي كلام ينشئ الشخصية المسلمة الإيجابية لا مكان له في مناهج التربية والتعليم، هذا ما يريده هؤلاء وكذلك في مناهج الثقافة والإعلام في التلفاز أو في الإذاعة أو في الصحافة لا يوجد مكان للحديث عن هذه المعاني..

نسبية الحقائق
لقد قرأت مقال أحدهم في صحيفة الأهرام في القاهرة قال: إننا نريد أن نعلِّم أولادنا وناشئتنا نسبية الحقائق، أن الحقائق نسبية، ليس هناك حقيقة مطلقة، إذا كنا نقول نحن: الله واحد، فهناك من يقول: هناك آلهة ثلاثة (الله ثالث ثلاثة)، هناك من يقول بالوثنية، إذا كنا نقول نحن أن هناك آخرة وجنة وناراً، هناك من يقول بتناسخ الأرواح وليس هناك جنة ولا نار، إذا كنا نحن نقول بنبوة محمد فهناك من لا يؤمن بنبوة محمد، كل هذه الحقائق التي نعتبرها نحن حقائق مطلقة ولا يجوز الاختلاف عليها ولا التشكيك فيها هؤلاء يقولون هي حقائق نسبية، حقائق عندنا نحن وليست حقائق عند آخرين، فلا يجوز أن نتعصب ولا يجوز أن نعتبر هذه أشياء لا كلام فيها ولا جدال فيها، هذا ما يقوله هؤلاء يريدون أن يجعلوا الدين عجينة لينة يشكلونها كيف يشاء حتى العقائد الأساسية ينبغي أن تؤخذ هذا المأخذ عند الطفل المسلم والتلميذ المسلم، هذا ما يريده دعاة تجفيف الينابيع في ثقافة الأمة وتربيتها وتعليمها وإعلامها.

الشيخ الغزالي معروف بوسطيته واعتداله
هذا الذي يهاجم الشيخ الغزالي ويقول أنه هو الذي بذر بذور التطرف في الجزائر، وفي جامعة الأمير عبد القادر وفي تلفزيون الجزائر، بالله عليكم هل يعقل أن يَكِل رئيس جمهورية لرجل أن يتولى توجيه جامعة ناشئة يتولاها ليزرع فيها التطرف ويبذر فيها العنف، أيعقل أن رئيس دولة وهو الشاذلي بن جديد يقول للشيخ الغزالي نريد أن تعلِّم شباب الإسلام الصحيح بعيداً عن تسيب المتسيبين وتطرف المتطرفين، هل يعقل أن رئيس دولة يكلِّف إنساناً ببذر العنف والتطرف في بلده، أهذا من العقل، أيعقل هذا؟ هذا لا يعقل أبداً، الشيخ الغزالي كان معروفاً بوسطيته واعتداله وتسامحه وعقلانيته، ولو خرج عن الوسطية يوماً فإنما يخرج عنها في اتجاه العقلانية واتجاه التسامح والتساهل والتيسير، فكيف يُتَّهم الشيخ الغزالي بأنه هو الذي بذر بذور التطرف، لا أريد أن أتحدث عن نفسي لأكمل مشوار الشيخ الغزالي في بذر بذور العنف والتطرف في الجزائر، بالعكس الشيخ الغزالي كانت مهمته في الجزائر مقاومة التطرف وهذا ما ذكره في كتبه أنه لاقى ما لاقى من المتطرفين في المملكة حينما كان في جامعة أم القرى وهنا في قطر حينما عاش بيننا ثلاث سنوات في كلية الشريعة في جامعة قطر وكنت عميدها في ذلك الوقت وكذلك في الجزائر وقد بقي فيها خمس سنوات قاسى ما قاسى من المتشددين والمتطرفين، وكان مهمته أن يبذر بذور الاعتدال والتسامح والحوار بالعقل، الفكر مع الشرع والنقل هكذا كان الشيخ الغزالي، لو كان الشيخ الغزالي متطرفاً ما دعته البلاد العربية والإسلامية إليها، كان يدعى في كل سنة هنا في رمضان إلى قطر، وكان يدعى إلى الكويت وكان يدعى إلى السعودية وقد نال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وقد وافاه الأجل حينما كان مدعواً في مهرجان الجنادرية وأصابه ما أصابه حينما سمع ما ينال الإسلام، وقد كان الرجل ينتفض انتفاضاً حينما يسمع أي كلمة تمس الإسلام يغضب ويزأر زأرة الليث ولا يقف في وجهه أي أحد حينما يغضب للإسلام، هذه الغضبة الأخيرة أجهزت عليه رحمه الله، فمات وكأنما السيف في يده، مات وهو شاهر سيفه في المعركة للدفاع عن الإسلام عاش عمره للإسلام.

لم يخش في الحق لومة لائم
عاش الشيخ الغزالي منذ عرفناه شاباً صغيراً متخرجاً في الأزهر الشريف يكتب بقلمه ويخطب بلسانه، يدافع عن الطبقات الضعيفة الكادحة لازلت أذكر كلماته في مقدمة كتابه "الإسلام والمناهج الاشتراكية" وهو يدعو الفقراء والمستضعفين ويقول يا ضحايا الفقر والجوع والحرمان هُبُّوا، إن الشفاه التي تأمر بإذلالكم يجب أن تُقص، وإن الأوضاع الظالمة التي تجتاحكم يجب أن تقصى وإن الفراغ الذي خامر بطونكم وأفئدتكم يجب أن تنـزاح غُمَّته إلى الأبد، هذا هو الغزالي نصير المستضعفين في الأرض من أول يوم، نصير المرأة التي ظلمها الناس في كتبه من أوائل كتبه كتاب "من هنا نعلم" وقد رد فيه على الشيخ خالد محمد خالد وكان صديقاً له ولكنه حينما رآه انحرف عن الجادة وكتب كتابه "من هنا نبدأ" وفيه هاجم الحكم الإسلامي وهاجم فيه العدالة الإسلامية سماها اشتراكية الصدقات ..الخ، وقف الشيخ الغزالي يرد عليه ويبين خطأه ويذكر الصواب، فالحق أحق أن يتبع ولا ينبغي للإنسان أن يخاف في الله لومة لائم، وقف الشيخ الغزالي ضد الطغيان والاستبداد، كنا نحن في معتقل الطور سنة 1949، وكان يحاضرنا يلقي علينا محاضرات في موقف الإسلام من الاستبداد السياسي ونحن في المعتقل، لم يخف أن يتجسَّس علينا متجسِّسون وأن ينقل ذلك ناقلون ويقول أن هذا كلام ضد الحكومة، لم يبالي بذلك وظهر بعد ذلك هذه المحاضرات ظهرت في كتاب "الإسلام والاستبداد السياسي".

حسبك نصراً أن خصمك يحارب الله ورسوله
وقف الشيخ الغزالي طول عمره منادياً بالإصلاح، مناديا بالتجديد، منوِّهاً بالشورى التي ينبغي أن تكون أساس الحياة الإسلامية (وأمرهم شورى بينهم) مقاوماً للطغيان والاستبداد أياً كان مصدره منادياً بوحدة المسلمين في العالم، هكذا كان الشيخ الغزالي ولذلك رحَّب به المسلمون في أقطار الأرض مشارقها ومغاربها، أينما ذهب الشيخ الغزالي رحب به دعاة الإسلام وعلماء الإسلام في كل مكان فكيف يقول هؤلاء عن الغزالي ما قالوه، كان الغزالي يتمثل رحمه الله ببعض أبيات من أبيات ديوان "الحماسة" يقول:
لقد زادني حباً لنفسي أنني بغيض إلى كل امرئ غير طائل
وإني شقيٌ باللئام ولا ترى شقياً بهم إلا كريم الشمـائل
أني بغيض إلى كل امرئ غير طائل ليس له طول ولا فضل، وكان يحكي ما يقوله بعض السلف حسبك نصراً أن خصمك يحارب الله ورسوله، الذين يخاصمون الشيخ الغزالي من هؤلاء العلمانيين واللادينيين إنما يحاربون الله ورسوله ويقفون ضد الشيخ الغزالي لأنه وقف مدافعاً عن الإسلام عن دين الله وعن سنة رسول الله وعن كتاب الله، لم يهِن يوماً ولم يُلقِ السلاح يوماً بل ظل مصابراً مرابطاً مثابراً إلى آخر رمق في حياته، إننا يا أيها الأخوة الأحبة نعجب لهؤلاء الناس المتطاولين، الذين يملكون ألسنة طويلة ويملكون عقولاً قصيرة ويملكون هِمماً واهنة هؤلاء الناس الذين يرضخون للغرب وللثقافة الغربية ولتيارات التغريب، ويهاجمون الدعاة الأصلاء الذين يريدون لهذه الأمة أن تستمسك بالعروة الوثقى أن تبقى على الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، نعجب لهؤلاء المتطاولين بالباطل الذي يقفون في وجه الجبال الشُم ونقول لهم ما قاله الشاعر قديماً:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه أشفِق على الرأس لا تُشفق على الجبل

لن تستطيع أن تنطح الجبل أشفق على رأسك إذا نطحت الجبل، هؤلاء يناطحون الجبال ولا يمكن أن ينتصروا في المعركة.

المستقبل لهذا الدين
نحن مؤمنون بأن الغد لهذا الدين والمستقبل لهذا الإسلام وأن هذه الأمة إلى خير في جملتها، الصحوة الإسلامية وقعت ولا يمكن أن تخمد جذوتها، الشيخ الغزالي قام في الجزائر وهيأ الله له صحوة عظيمة لاشك أنه كان أحد الأعمدة التي اعتمدت عليها هذه الصحوة والتي أثمرت ثمراتها امتدت جذورها في الأرض وبسقت فروعها في السماء لأنها كانت (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)، كنت أخطب في الجزائر في مثل صلاة الجمعة هذه، فيحضر في المسجد عشرات الآلاف، بعض المساجد من ثلاثة أدوار تمتلئ الأدوار الثلاثة والساحات حول المسجد والطرقات والميادين المؤدية إلى المسجد حتى تتعطل المواصلات صحوة لم أر لها نظيراً، وكان المفروض أن تؤتي هذه الصحوة أكلها وتحقق أهدافها وأن يؤدي اختيار الشعب إلى من يختارهم الشعب ولكن للأسف وقفت القوى المعادية للإسلام وقفت ضد هذه الصحوة وضد نتائجها المفترضة، صناديق الانتخاب أدت إلى اختيار مجموعة من الناس هذا هو حقهم، الشعب اختار فعليه أن يتحمل المسؤولية ولكن هؤلاء وقفوا في وجه الشعب قطعوا عليه اختياره، قطعوا عليه الطريق وقالوا له أنت لست أهلاً للاختيار، أنت لست راشداً، أنت في حاجة إلى وصاية، حينما اختار غير الإسلاميين كان الشعب راشداً فلما اختار الإسلاميين كان الشعب طفلاً وكان الشعب في حاجة إلى وصاية، هؤلاء يكيلون بكيلين، معاييرهم مزدوجة، لا يعرفون الحق الصحيح ولا العدل الصريح، إننا نعتقد أن الإسلام قادم إن شاء الله، كل ما ننصح به أهل الإسلام ودعاة الإسلام أن يحتكموا إلى الفهم الصحيح للإسلام، ألا تشغلهم الجزئيات عن الكليات، لا يشغلهم الشكل عن الجوهر، لا تشغلهم النوافل عن الفرائض، لا تشغلهم المكروهات عن المحرَّمات، لا تشغلهم الصغائر عن الكبائر، لا يشغلهم المختلف فيه عن المتفق عليه، نحن في حاجة إلى فهم صحيح لهذا الدين في ظل التسامح، نحن أولى الناس بالتسامح، نحن لا نعادي إلا من يعادينا ولا نحارب إلا من يحاربنا وإلا فأيدينا مبسوطة لكل الناس وقلوبنا مفتوحة لكل الناس نسالم من سالمنا، ونسامح من سامحنا ولا نفرِّط في ذرة من ديننا، لا نبيع ديننا بملك المشرق والمغرب، هذا الدين أمانة في أعناقنا، وقد كلفنا الله تعالى أن نقوم على حراسة هذا الدين، وعلى حياطة هذا الدين إيماناً به واتباعاً له ودعوة إليه، وغيرة على حرماته، وجهاداً في سبيله وسنظل كذلك حتى نلقى الله عز وجل.

الشيخ الغزالي أحد المجددين لهذا الدين
يا أيها الأخوة كان الشيخ الغزالي رحمه الله إماماً من أئمة هذه الأمة، كان من المجدِّدين لهذا الدين، سمَّاه أبوه محمد الغزالي، محمد الغزالي هو اسمه، ليس لقبه الغزالي بل سمَّاه أبوه محمد الغزالي أحمد السقا أبوه اسمه الشيخ أحمد السقا، لكن أباه أراد أن يكون لهذا الصبي أو لهذا المولود أن يكون فيه نفحة من الإمام محمد بن محمد بن محمد الغزالي أبو حامد الغزالي حجة الإسلام السابق، فسمَّاه محمد الغزالي تيمناً بهذا وفعلاً كان غزالي عصره وكان أحد المجددين لهذا الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها" أنا من أنصار أن "من" في هذا الحديث للجمع وليس للمفرد، "من" تصلح للمفرد وتصلح للجمع (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) فأعاد عليها الضمير بالجمع، ولذلك الذين يجدِّدون الدين هم جماعة، جماعات من الناس وليس فرداً واحداً ولا شك أن الشيخ الغزالي أحد هؤلاء الأفذاذ الذين أسهموا بجهد مشكور في خدمة الإسلام وتجديد الإسلام نسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر للشيخ الغزالي ويرحمه ويتقبله في الصالحين، ويجزيه عما قدَّم لدينه ولأوطانه ولأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والدعاة الصادقين، وأن يبوء أولئك المتطاولون المتبجحون بإثمهم ويجزيهم الله بما يستحقون اللهم آمين.


يريد هؤلاء أن يشغلونا بعضنا ببعض
أيها الأخوة المسلمون أتابع ويدي على قلب ما يجري من أحداث على أرض فلسطين الحبيبة، فأنا من أحرص الناس على ألا يواجه الفلسطيني الفلسطيني، وألا تمتد يد الفلسطيني إلى أخيه، وألا يوجه السلاح إلى صدر فلسطيني آخر، ما أحوج هذا البلد الكريم إلى أن تتحد قواه في مواجهة ذلك الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي يراوغ ويلاوع ويكايد ويأخذ ولا يعطي شيئاً ويريد هؤلاء أن يشغلونا بعضنا ببعض، أن يشغلونا بأنفسنا ليستفيدوا من وراء الخلاف والصراع، هم الوحيدون الكاسبون والمستفيدون من صراع القوى الفلسطينية بعضها مع بعض، ويجب على أخوتنا الفلسطينيين أن يدركوا هذه الحقيقة، وما أظنها تغيب عنهم فهي لا تغيب عن عاقل أبداً، نريد للأخوة الفلسطينيين ما قاله الشيخ أحمد ياسين فقال لن تمتد يدنا بالعدوان إلى أحد من أهل فلسطين مهما أُصبنا ومهما نزل بنا سنظل كخير ابني آدم الذي قال له أخوه لأقتلنك فقال (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) لا ينبغي أن تستسلم لهذه التيارات التي تريد أن تصب الزيت على النار فقد قيل إن إسرائيل وإن رصاصات إسرائيل هي التي قتلت اثنين من الفلسطينيين أول أمس، قال بعضهم أن ذلك من السلطة الفلسطينية وقال بعضهم أن هذا من إسرائيل ولا يُستبعد ذلك، لا نستبعد على إسرائيل أن تعكِّر المياه لتصطاد وأن تصطاد في الماء العكر، وأن تنتهز الفرصة لتزيد الفرقة وتعمِّق الفجوة وتوسع الجفوة، هذا ما ينبغي أن نحذر منه، إننا حراص على أي دم فلسطيني إن يراق ولذلك حزنت كل الحزن حينما قتل اثنان من الفلسطينيين وحزنت كل الحزن حينما قرأت اليوم أن 85 جُرحوا في رفح ولازلت أخاف أن ينفَّذ حكم الإعدام في الأخ العطار الذي حكمت المحكمة بإعدامه، وأملنا في الرئيس الفلسطيني أن يلقى الأمر بشجاعة وحكمة ويعرف قدر هذا الموضوع ويطفئ النار في مهدها قبل أن يتطاير شررها ويتفاقم خطرها، وتأتي بأسوأ العواقب والنتائج، أسأل الله أن يسدِّده وأن ينير طريقه فلا يوافق ولا يصدِّق على هذا الحكم بالإعدام ويتفادى الخطر قبل وقوعه .. اللهم آمين

ليست هناك تعليقات: