لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!. وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ****وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين: أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم. وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..

بصوت 17 قارئ

الخميس، 29 نوفمبر 2007

الدكتور القورصو يتحدث لـ''الخبر'' عن الزيارة المرتقبة لرئيس فرنسا''حذار من قـُبلة ساركوزي المسمومة''

طافت ''الخبر'' مع الدكتور محمد القورصو، المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية، بجوانب عديدة متعلقة بزيارة الرئيس الفرنسي
المنتظرة للجزائر، حيث تحدث في حوار معه عن الفخر الذي يبديه نيكولا ساركوزي لأصوله اليهودية، ويستغرب حساسية الإعلام الفرنسي تجاه الرسميين الجزائريين عندما يتناولون هذا الجانب. ويستعرض القورصو أيضا رأيه في التساهل الذي بدا جليا لدى المسؤولين في مسألة الاعتذار عن جرائم الفترة الاستعمارية. كيف تقرأون السياق الذي تأتي فيه زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المرتقبة مطلع الشهر المقبل؟ هناك سياقان: الأول عام بحيث يخول لأي رئيس أن يستضيف رئيسا آخر في إطار العلاقات الثنائية والدولية. أما السياق الثاني فهو خاص، وزيارة السيد ساركوزي من هذا القبيل. صحيح أن فرنسا هي شريكنا الطبيعي والتاريخي، لكن الصحيح أيضا أن فرنسا نهجت نهجا آخر بعد استقلال الجزائر، بحيث أدارت ظهرها للواقع التاريخي وبدل أن تتعامل معنا بالندية، احتفظت إزاءنا بنظرة أخرى وكأن الجزائر ملحقة فرنسية.وعودة لزيارة ساركوزي، أقول أنه من الواضح أن الأمر يتعلق بجلب الاستثمارات. لكن هذا المعطى يصطدم بواقع آخر، فالعلاقات التاريخية بين البلدين والخطاب السياسي الحالي لايزال يبين أن المقاربة الاستعمارية كمنهج تظل قائمة في فرنسا، يكفي أن نستدل بالقانون الممجد للاستعمار الذي اقترحه حزب ساركوزي، فضلا عن التمجيد شبه اليومي للاستعمار في فرنسا من خلال المتاحف والنصب التذكارية والترويج لليمين الفاشي من طرف بقايا منظمة الجيش السري، وآخرها كان وضع نصب تذكاري للفرنسيين المفقودين في الجزائر.. كل هذا يجعلنا نقول إننا في غنى عن هذه الزيارة لأن هناك دولا أخرى يمكن أن نتعامل معها ونطور معها علاقاتنا مثل الصين وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، فالجزائر ليست في حصار حتى تركض وراء المستثمرين الفرنسيين. ثم أين كان ساركوزي عندما كانت فرنسا معبرا للأسلحة التي قتلت آلاف الجزائريين خلال العشرية السوداء؟ كانت دولته حينها تراهن على سقوط الدولة الجزائرية والآن نكتشف فجأة أن للجزائر مكانة في المتوسط والمغرب العربي وفي العالم.شنت الصحافة الفرنسية على وزير المجاهدين شريف عباس، حملة شديدة بسبب تصريحات لـ''الخبر'' تناولت أصول ساركوزي اليهودية، لماذا برأيكم قوبل كلامه بهذه الحساسية المفرطة؟ لأنهم غيورون على تاريخهم وسيادتهم وعلى أصول رئيسهم، وكل ما يمس أي مسؤول يمس بالضرورة الدولة. أما وزير المجاهدين السيد شريف عباس، فلم يذكر سوى الحقيقة التي تؤكدها الأحداث السياسية والوقائع التاريخية، فهل يتنكر ساركوزي لأصله؟ هل تراجع عن مساندته غير المحدودة للدولة الصهيونية؟ أبدا لم يفعل ذلك، بل إنه راح يشتم العرب والمسلمين وتهجم عليهم، وبدل أن تقوم القيامة في الجزائر والدول العربية، حدث العكس، حيث أقامتها صحف فرنسية علينا، لأن وزيرا من وزراء الجزائر أدلى بشهادة بعض معطياتها واردة في السيرة الذاتية لساركوزي. إذا كان ساركوزي يبدي من التعنت والعنصرية تجاه باقي الفرنسيين، لأنه نفسيا يشعر بأنه ليس فرنسيا لذا نراه يحاول أن يظهر للفرنسيين أنه فرنسي أكثر منهم.يطرح الرئيس الفرنسي مقاربة براغماتية لعلاقة بلده بالجزائر، أليس من مصلحة الجزائريين الانتفاع من الشق الاقتصادي في سياسته بدل التشبث بمسائل تعود إلى الماضي؟ صحيح أن ساركوزي يتصف بكثير من البراغماتية وأسقط كثيرا من الطابوهات، لكنه ليس كغيره من رؤساء الدول بالنسبة إلينا، فهو يمثل الدولة الفرنسية ويشخص الجرائم التي اقترفتها والتي تتبجح بها لحد اليوم. فهل نضحي بمبادئنا وتاريخنا ودماء شهدائنا من أجل صفقات اقتصادية مهما كان حجمها؟ لنتذكر فقط أن الجنرال دوغول جاء بمشروع شبيه بما يقترحه ساركوزي اليوم، هو مشروع قسنطينة (1958) حاول من خلاله جر الثورة نحو مسار غير مسارها، فتمت محاربته من طرف جبهة التحرير الوطني، ومن استفاد من المشروع من الجزائريين عاقبه الأفالان. يوجد انطباع عام بأن المسؤولين الجزائريين متساهلون في مسألة المغالبة في طلب الاعتذار عن جرائم الاستعمار، بعدما كانت أعلى السلطات متمسكة به.. أعتقد أن ذلك يتجلى في الخطاب السياسي المبهم، فمن جهة نسمع وزراء يقولون إن مبدأ الاعتذار لم يعد أساسيا، وهناك وزير أعلن في عاصمة إفريقية أن الجزائر لن تتنازل عن هذه المبدأ. فهل يعود ذلك إلى انقسام في الصف، أم هي البراغماتية التي تجعلهم يفرطون في المبادئ؟ ويحيلني هذا الموضوع بالذات إلى عام 1958، فجبهة التحرير لم تقبل الدخول في مفاوضات مباشرة مع فرنسا حول الاستقلال بسبب عدم تحقيق شروطها، لكن بعدها بأربع سنوات أرغم الفرنسيون على التفاوض وفق مبدأ الاعتراف بالخصم كمحاور، وكان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 مارس .1962هناك من يعتبر تسليم خرائط الألغام تعبيرا عن حسن نية تجاه الجزائر، من جانب الحاكم الجديد في فرنسا.. إذا كانت فعلا تعبيرا عن حسن نية، لماذا ترفض فرنسا لحد اليوم تسليمنا أرشيف الحرب؟ لماذا تعتذر فرنسا والكنيسة لليهود الذين تعرضوا للإبادة من طرف ألمانيا النازية بتواطؤ من حكومة فيشي ولا تفعل نفس الشيء تجاه الشعب الذي أبادت أبناءه؟ إن الكيل بمكيالين في هذا الأمر والخطاب المزدوج الذي يجرّم تركيا ويغض الطرف عن مذابح أخرى أفظع، يجعلنا نتساءل إن كانت فرنسا ساركوزي صادقة في نواياها أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مراوغة سياسية للحصول على مبتغاها من الجزائر؟ إن قُبلة من فم ساركوزي هي قُبلة مسمومة وينبغي أن نكون يقظين إزاءها.

ليست هناك تعليقات: